وقال بزشكيان خلال الجلسة العلنية: «عندما يعاني الناس في معيشتهم، لا يمكن الحكم. يقولون ارفعوا الأجور؛ فليخبرني أحد من أين آتي بالمال؟».
ويقترح مشروع الموازنة المقدم إلى البرلمان زيادة أجور العاملين في القطاع العام بنسبة 20%، مع توسيع الإعفاءات من ضريبة الدخل للتخفيف من أثر التضخم، الذي لا يزال من بين الأعلى عالميًا.
واعترف بزشكيان بأن هذه الزيادة «لا تتناسب مع التضخم»، لكنه قال إن الحكومة حاولت التعويض من خلال رفع سقوف الدخل المعفاة من الضرائب.
وبموجب المقترح، يُعفى الموظفون الذين لا يتجاوز دخلهم الشهري 400 مليون ريال (نحو 282 دولارًا) من ضريبة الدخل، فيما يخضع من تتراوح دخولهم بين 400 و930 مليون ريال (282 إلى 655 دولارًا) لضريبة بنسبة 10%، وفق أرقام نقلتها وسائل إعلام إيرانية.
وأوضح بزشكيان أن الهدف الرئيسي للموازنة هو خفض ما وصفه بـ«نار التضخم» وتجنب العجز الذي يؤدي إلى خلق السيولة. وأضاف أن الحكومة رفعت إنفاقها الجاري بنسبة 2% فقط، بعد تقليص بنود اعتبرها غير أساسية، والتوجه نحو «الموازنة القائمة على الأداء»، التي تشترط على الوزارات تحديد الخدمات التي ستقدمها مقابل الحصول على التمويل.
من جهته، قال رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف إن افتراضات الموازنة بشأن الأجور تحتاج إلى مزيد من العمل، محذرًا من أن معيشة الأسر على المحك. وأضاف مخاطبًا النواب: «أهمية الموازنة واضحة للجميع… الموازنة هي حياة الناس»، معتبرًا أن زيادة الأجور بنسبة 20% «تنطوي على مشكلات وتحتاج إلى تصحيح».
نواب يحذرون من تراجع العملة وسياسات الدعم
واستغل عدد من النواب النقاش لانتقاد ما وصفوه بغياب خطط موثوقة لتثبيت سعر الصرف وكبح التضخم.
وقال النائب محسن زنغنه إن مستشاري بزشكيان يعتقدون أن سعر الصرف سيرتفع بما يتماشى مع التضخم، ما يعني — بحسب تقديره — زيادة تقارب 40% بحلول نهاية العام المقبل. وأضاف: «سيد بزشكيان، فريقك الاقتصادي سلّم بعدم قدرته على خفض التضخم وضبط سعر العملة، ولذلك يسعى فقط إلى تقديم قسائم».
بدوره، قال جبار كوشاكينجاد، نائب رئيس لجنة الموازنة في البرلمان، إن المسؤولين لا يبدون رغبة في كبح ارتفاع سعر الصرف، ملمّحًا إلى أن الحكومة قد تستخدم مبيعات العملة الصعبة لسد فجوات مالية. وأضاف لوكالة «إيلنا»: «يبدو أنه لا توجد إرادة لدى الحكومة للسيطرة على سعر الصرف وتحقيق توازنه… هذا الاتجاه يتسارع والأسعار ترتفع بسرعة».
وقال بزشكيان إن الحكومة تخطط لتوسيع الدعم الموجّه، بما في ذلك برنامج قسائم استهلاكية، معتبرًا أن تقلبات سوق الصرف تنعكس مباشرة على تكاليف معيشة الأسر.
وأشار الرئيس إلى أن الحكومة أنفقت نحو 6 مليارات دولار على استيراد البنزين هذا العام، ورصدت قرابة 8 مليارات دولار في الموازنة المقبلة لتوفير عملة مدعومة للواردات الأساسية، في وقت تُسعَّر فيه العديد من السلع فعليًا وفق سعر السوق.
كما لفت إلى أن دعم الطاقة يمثل اختلالًا هيكليًا أساسيًا، إذ يؤدي ارتفاع الاستهلاك إلى توجيه دعم حكومي أكبر إلى الأسر الأكثر ثراءً، واصفًا النظام الحالي بغير العادل.
وكانت إيران قد أدخلت مؤخرًا نظامًا ثلاثي المستويات لتسعير البنزين، يُبقي على السعر المدعوم، ويضيف شريحة أعلى تهدف إلى الحد من كلفة الدعم ومنع التزود غير المصرّح به وتجاوز الحصص، في خطوة تقول السلطات إنها إصلاح تدريجي بعد أن أدت زيادات سابقة في الأسعار إلى احتجاجات.
وتأتي مناقشات الموازنة في وقت يواجه فيه الاقتصاد الإيراني تضخمًا مزمنًا وضغوط العقوبات وقيودًا مالية، تقول السلطات إنها تحد من هامش المناورة، رغم تأكيد الحكومة سعيها إلى حماية ذوي الدخل المنخفض عبر الإعفاءات الضريبية والمساعدات الموجهة.
وفي هذا السياق، تراجع الريال الإيراني يوم الأحد إلى مستوى قياسي جديد بلغ 1,420,000 ريال للدولار الواحد، فيما تجاوز التضخم السنوي 50%، وأفاد البنك المركزي بانكماش الاقتصاد، رغم زيادة محدودة في إنتاج النفط ومبيعاته.