وزير خارجية إسرائيل: إيران لا تزال تسعى إلى امتلاك سلاح نووي ونظامها يهدد استقرار المنطقة

اتهم وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، إيران بالسعي إلى تطوير سلاح نووي، واصفًا هذا النظام بأنه "تهديد لاستقرار المنطقة".

اتهم وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، إيران بالسعي إلى تطوير سلاح نووي، واصفًا هذا النظام بأنه "تهديد لاستقرار المنطقة".
وأشار ساعر، في حديثه مع قناة "العربية" يوم الأربعاء 17 ديسمبر (كانون الأول)، إلى مشاركة الولايات المتحدة، في الحرب التي استمرت 12 يومًا، مؤكدًا أن النظام الإيراني "ليس مشكلة إسرائيل وحدها".
كما تطرّق إلى دعم طهران لحزب الله، متهمًا الحزب بانتهاك سيادة إسرائيل، وقال إن الهجمات الإسرائيلية على حزب الله في جنوب لبنان، في ظل نشاطاته، لا تُعدّ انتهاكًا لسيادة لبنان.
وشدد ساعر على رغبة إسرائيل في "تطبيع العلاقات وتحقيق السلام" مع لبنان، مضيفًا أن إسرائيل، من أجل الحفاظ على أمنها، يجب أن "تضع حدًا "لنشاط حزب الله" و"تعيد لبنان إلى شعبه".
وقبل يوم واحد من هذه التصريحات، أكد رئيس جهاز "الموساد"، دافيد برنياع، أن فكرة تطوير قنبلة نووية لا تزال حاضرة في تفكير مسؤولي النظام الإيراني، وقال إن إسرائيل ترى نفسها ملزمة بمنع إعادة تفعيل المشروع النووي لطهران.
وفي ما يتعلق بقطاع غزة، أعرب ساعر عن أمله في الانتقال إلى المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار مع حركة حماس، لكنه شدد على أن نزع سلاح حماس لا يزال عقبة أساسية، قائلاً: "نحن لا نقبل بالعيش مع دولة إرهابية على حدودنا".
وخصص جزءًا من المقابلة للحديث عن الوضع في سوريا، حيث قال إن إسرائيل تسعى إلى التوصل إلى اتفاق أمني مع سوريا يخدم مصالح الطرفين، مؤكدًا أن إسرائيل "لا تمتلك أي طموحات إقليمية" تجاه سوريا.
وأضاف: "لو أردنا، لكان بإمكاننا السيطرة على مزيد من الأراضي في سوريا".
كما علّق ساعر على الهجوم الدامي الأخير في منطقة بونداي بسيدني، قائلاً إن العالم "بوضوح" لا يبذل ما يكفي من الجهود لمواجهة معاداة السامية.
ودعا وزير الخارجية الإسرائيلي الدولَ الغربية إلى اتخاذ خطوات أقوى في مكافحة معاداة السامية، لا سيما في الفضاءين العام والرقمي.
وأعاد الهجوم الإرهابي في سيدني، الذي نفذه أب وابنه مسلمان يُقال إنهما تأثرا بأيديولوجية تنظيم "داعش" وأطلقا النار على مدنيين، إشعال موجة عالمية من الإدانات والاحتجاجات ضد "معاداة السامية".

أفادت صحيفة "واشنطن بوست" بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والرئيس الأميركي، دونالد ترامب، شرعا قبل أشهر من اندلاع الحرب التي استمرت 12 يومًا، وبعد أول لقاء بينهما، في التخطيط لهجوم محتمل على البرنامج النووي الإيراني، وبالتوازي مه ذلك فقد أطلقا حملة تضليل معقّدة.
ونقلت الصحيفة، يوم الأربعاء 17 ديسمبر (كانون الأول)، عن مصدر مطّلع رفض الكشف عن هويته، أنه في منتصف فبراير (شباط) من العام الماضي، حين زار نتنياهو البيت الأبيض بصفته أول زعيم أجنبي يلتقي ترامب بعد وصوله حديثاً إلى الرئاسة، عرض أربعة سيناريوهات لكيفية تنفيذ هجوم على إيران.
وأظهر نتنياهو أولاً لترامب كيف ستجري العملية في حال نفذت إسرائيل هجوماً أحادياً. أما الخيار الثاني فكان أن تتقدم إسرائيل بالهجوم مع حد أدنى من الدعم الأميركي، والخيار الثالث هو التعاون الكامل بين الحليفين، فيما كان الخيار الرابع أن تتولى الولايات المتحدة قيادة العملية.
وعقب ذلك بدأت أشهر من التخطيط الاستراتيجي السري والمكثف.
تفاصيل حملة التضليل
وبحسب شخصين مطلعين على الملف، كان ترامب يرغب في منح المفاوضات النووية مع إيران فرصة، لكنه في الوقت نفسه واصل تبادل المعلومات والتخطيط العملياتي مع إسرائيل.
وقال أحد هذين المصدرين: «المنطق كان أنه إذا فشلت المفاوضات، نكون مستعدين للتحرك».
وكان قادة إسرائيل يعتقدون أن إتاحة الفرصة للدبلوماسية مهمة للرأي العام العالمي، في حال اتُّخذ القرار النهائي بمهاجمة إيران، إلا أنهم كانوا قلقين من أن يُقدم ترامب، بدافع رغبته في التوصل إلى اتفاق، على قبول اتفاق سيئ.
وفي أواخر أبريل (نيسان) الماضي، منح ترامب طهران مهلة 60 يوماً للموافقة على اتفاق نووي، وانتهت هذه المهلة في 12 يونيو (حزيران) الماضي.
وسعى هو ونتنياهو إلى التصرف بطريقة تُبقي إيران غافلة عمّا سيحدث لاحقاً.
وقال ترامب في نهاية المهلة للصحافيين إن هجوماً إسرائيلياً على إيران «ممكن تماماً»، لكنه أكد في الوقت ذاته أن تفضيله هو التفاوض.
وفي تلك الفترة، أفاد مسؤولون إسرائيليون بأن رون ديرمر، المستشار المقرب من نتنياهو، رئيس جهاز "الموساد"، وديفيد بارنيا، سيلتقيان قريباً المبعوث الأميركي الخاص، ستيف ويتكوف، كما كان من المقرر عقد جولة جديدة من المفاوضات النووية بين الولايات المتحدة وإيران في 15 يونيو.
لكن إسرائيل كانت قد اتخذت قرارها بالهجوم، وكانت الولايات المتحدة على علم تام بذلك.
وكانت الدبلوماسية المعلنة مجرد خدعة، وعمل مسؤولو البلدين على تغذية تقارير إعلامية تحدثت عن وجود خلاف بين واشنطن وتل أبيب.
ونقلت "واشنطن بوست" عن مصدرها قوله: «كل التقارير التي كُتبت عن أن نتنياهو لا يتفق مع ويتكوف أو ترامب لم تكن صحيحة. لكن نشوء هذا الانطباع كان مفيداً، لأنه ساعد في استمرار التخطيط دون لفت انتباه كبير».
الفرصة الأخيرة لواشنطن قبل اندلاع الحرب
حتى بعد بدء القصف وعمليات الاغتيال الإسرائيلية، قامت إدارة ترامب بمحاولة دبلوماسية أخيرة، فأرسلت سراً مقترحاً لحل الجمود في البرنامج النووي الإيراني.
وما لم تكن طهران تعلمه هو أن هذا المقترح كان الفرصة الأخيرة قبل أن يوافق ترامب على انضمام القوة العسكرية الأميركية إلى إسرائيل.
وكانت شروط الاتفاق، التي حصلت عليها "واشنطن بوست" ولم يُكشف عنها سابقاً، قاسية للغاية؛ إذ تضمنت إنهاء دعم طهران للقوى الوكيلة مثل حزب الله وحماس، وكذلك «استبدال» منشآت تخصيب الوقود في "فوردو" و«أي منشأة نشطة أخرى» بمراكز لا تتيح إمكانية التخصيب.
وفي المقابل، كانت الولايات المتحدة، وفق المقترح المرسل في 15 يونيو الماضي، ستلغي «جميع العقوبات المفروضة على إيران».
وبحسب دبلوماسي رفيع شارك في هذه العملية، رفضت طهران المقترح بعد وقت قصير من نقله إليها عبر دبلوماسيين قطريين، ليصدر ترامب بعدها أمره بشن الهجمات الأميركية.
"الموساد" سلّح أكثر من 100 عميل إيراني
دمّرت الطائرات المقاتلة والمسيّرات الإسرائيلية، إلى جانب عناصر منتشرة داخل إيران، أكثر من نصف منصات إطلاق الصواريخ الباليستية داخل إيران، وعطّلت ما تبقى من أنظمة الدفاع الجوي.
وفي هذه الهجمات، استُهدف القادة الكبار في الجيش والحرس الثوري الإيراني، كما قصفت الطائرات الإسرائيلية محطات توليد الكهرباء وأنظمة التهوية التي تعتمد عليها إيران لتشغيل أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم في نطنز وفوردو.
وعقب ذلك نُفذت هجمات واسعة بواسطة قاذفات الشبح الأميركية من طراز B-2""، إلى جانب وابل من صواريخ كروز «توماهوك».
ونقلت "واشنطن بوست" عن مسؤول أمني إسرائيلي رفيع شارك مباشرة في التخطيط للعملية قوله إن جهاز الموساد جنّد أكثر من 100 عميل إيراني داخل طهران، وزوّد بعضهم بـ «سلاح خاص» مكوّن من ثلاثة أجزاء لتنفيذ ضربات دقيقة ضد الأماكن العسكرية.
وأضاف المسؤول أن السلطات الإيرانية تمكنت من استعادة عدد من المنصات، لكنها لم تستعد الصواريخ ولا الجزء الثالث السري من السلاح.
وقد جرى تدريب فرق العملاء الإيرانيين داخل إسرائيل وفي أماكن أخرى، وكُلّفوا بمهام محددة دون إبلاغهم بأن هذه الأنشطة جزء من هجوم واسع على البرنامج النووي والصواريخ الباليستية الإيرانية.
وقال المسؤول الأمني الإسرائيلي: «هذه العملية غير مسبوقة في التاريخ. حشدنا أصولنا وعناصرنا كي يقتربوا من طهران ويباشروا العمليات البرية قبل أن تدخل القوة الجوية (الإسرائيلية) الأجواء الإيرانية».
وفي المراحل الأولى من الهجوم، استهدفت إسرائيل 11 من كبار العاملين في البرنامج النووي الإيراني في عملية أطلقت عليها اسم «نارنيا».
وبحسب التقرير، اختارت إسرائيل لهذا الغرض نحو 12 خبيراً نووياً بارزاً من قائمة أولية ضمت 100 شخص، وراقبت بدقة تحركات كل واحد منهم، بما في ذلك تنقلاتهم وأماكن سكنهم وعملهم.
وقال مسؤول استخباراتي إسرائيلي رفيع إن إسرائيل سعت إلى تقليل الخسائر الجانبية قدر الإمكان، رغم مقتل عدد من المدنيين خلال هذه الهجمات.

أعلنت بريطانيا بدء تحقيق مستقل في البرلمان بشأن نفوذ إيران في النقاش المتعلق باستقلال اسكتلندا. وتشمل محاور التحقيق أيضًا تمويل الأحزاب السياسية عبر العملات الرقمية، إضافة إلى النفوذ الصيني.
وقال وزير شؤون اسكتلندا في الحكومة البريطانية، دوغلاس ألكسندر، يوم الأربعاء 17 ديسمبر (كانون الأول)، إن هذا التحقيق سيتناول كذلك التقارير المرتبطة بنشاط روبوتات تابعة لـ "الجيش السيبراني الإيراني" كانت تعمل على دعم استقلال اسكتلندا.
وقال ألكسندر: "أُجريت في السنوات الأخيرة أبحاث عديدة تُظهر وجود أنشطة مرتبطة بالنظام الإيراني فيما يتعلق بمستقبل النظام الدستوري في اسكتلندا".
وأضاف أنه عقب الهجمات الإسرائيلية والأميركية على إيران خلال "حرب الـ 12 يومًا"، انخفض بشكل ملحوظ عدد "الروبوتات" (الحسابات الوهمية) التي كانت تروّج لاستقلال اسكتلندا عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
وتابع: "لذلك، من الصحيح والمناسب أن يشمل التحقيق الجاري جميع الجهات التي تحاول التأثير على القرارات الديمقراطية التي تُتخذ هنا في بريطانيا".
ولم يتضح بعد ما إذا كان هذا التحقيق سيشمل النفوذ الإسرائيلي في السياسة البريطانية، لا سيما بعد الكشف مؤخرًا عن تلقي برلمانيين بريطانيين تمويلاً من الحكومة الإسرائيلية.
وجاءت الدعوة إلى هذا التحقيق عقب سجن نائب بريطاني سابق في البرلمان الأوروبي بعد إدانته بتلقي رشى من روسيا.
وكانت صحيفة "التلغراف" قد كتبت سابقًا، في تقرير عن حملة نفوذ تخريبية لطهران في بريطانيا، أن الحسابات المؤيدة للاستقلال، والمسؤولة عن نحو 250 ألف منشور، توقفت فجأة عن النشاط مع تصاعد الحرب بين إيران وإسرائيل في يونيو (حزيران) الماضي.
وفي 15 يوليو (تموز) الماضي، أفادت شركة سيابرا الإسرائيلية المتخصصة في تحليل البيانات ومكافحة المعلومات المضللة بأن أكثر من 1300 حساب وهمي على منصة "إكس"، كانت تدّعي أنها تعود لمستخدمين بريطانيين داعمين لاستقلال اسكتلندا، عادت إلى النشاط بعد 16 يومًا من التوقف خلال فترة الحرب.
كما كشفت صحيفة "ديلي ميل"، في تقرير عن نشاطات "الجيش السيبراني الإيراني"، أن حملة "زرع الانقسام في بريطانيا" تُعد من كبرى الحملات من هذا النوع.
وبعد أن أعلنت منصة "إكس" عن ميزة جديدة تُظهر الموقع الجغرافي للمستخدمين، ذكر موقع ""UK Defence Journal أن عددًا من الحسابات البارزة المؤيدة لاستقلال اسكتلندا، والتي تُعرّف نفسها كناشطين اسكتلنديين، تُدار في الواقع من داخل إيران.
وخلال السنوات الأخيرة، سعت إيران إلى التأثير على الرأي العام عبر شبكات التواصل الاجتماعي من خلال إنفاق ميزانيات كبيرة على ما يُعرف بـ "الجيش السيبراني".
ولا يُعد هذا الجهاز مجرد ذراع دعائية للنظام الإيراني فحسب، بل يلعب أيضًا دورًا نشطًا في إنتاج ونشر المعلومات المضللة على نطاق واسع.

نشرت صحيفة "معاريف" أن مسؤولين إسرائيليين يراجعون معلومات استخباراتية حول احتمال تورط إيران في قتل نونو لورييرو، العالِم النووي البارز في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بالولايات المتحدة الأميركية.
وأكدت الصحيفة الإسرائيلية، يوم الأربعاء 17 ديسمبر (كانون الأول)، أن هذا التقييم لم يتم تأكيده بعد، ولا يتوافق مع النتائج الرسمية للهيئات البحثية في الولايات المتحدة.
سير التحقيق
بدأت شرطة بروكلين ومكتب المدعي العام في ولاية ماساتشوستس التحقيق في الحادث، لكن لم يُعتقل أي شخص حتى الآن، ولا تزال دوافع الحادث مجهولة.
وتعرض لورييرو، الباحث البالغ من العمر 47 عامًا، ذو الأصول البرتغالية والمعروف عالميًا في مجال البلازما والاندماج النووي، لإطلاق نار في منزله بمدينة بروكلين بولاية ماساتشوستس مساء الاثنين 15 ديسمبر الجاري بالتوقيت المحلي، وتوفي في المستشفى يوم الثلاثاء.
وأعلنت السلطات الأميركية أنها تدرس جميع الفرضيات، بما في ذلك الدوافع الجنائية وغيرها، ولم تُسجّل أي علامات على اقتحام المكان، كما تجنبت التعليق على أي دوافع سياسية أو أمنية محتملة.
وحتى مساء الثلاثاء 16 ديسمبر، لم يتم تحديد أو اعتقال أي مشتبه به، بحسب مكتب المدعي العام في ولاية ماساتشوستس.
فرضية تورط إيران
مع ذلك، حظيت فرضية تورط طهران في الحادث، باعتبارها ردًا انتقاميًا على اغتيال مسؤولين في البرنامج النووي الإيراني، باهتمام مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي.
وذكرت وكالة "تسنيم"، التابعة للحرس الثوري الإيراني، أن الضحية عالم "صهيوني"، فيما استخدمت منصة "فرارو" مصطلح "اغتيال عالم نووي".
ردود الفعل علمية ويهودية
أصدرت جامعة MIT بيانًا وصفت فيه لورييرو بأنه "باحث بارز وأستاذ ملتزم"، فيما اعتبرت المجتمع العلمي الدولي وفاته صدمة.
وكان لورييرو معروفًا عالميًا بسبب عمله في مجال حساس، وقد أعلن سابقًا دعمه لإسرائيل.
وفي الوقت نفسه، طالبت منظمات يهودية في الولايات المتحدة بالتحقيق في احتمال وجود دوافع معادية للسامية أو معادية لإسرائيل في القضية.
سياق عالمي
وقع قتل لورييرو بعد يوم واحد من حادث إطلاق النار المميت في شاطئ بونداي بسيدني يوم الأحد 14 ديسمبر، الذي وقع أثناء الاحتفال بعيد حانوكا اليهودي، وأسفر عن مقتل 12 شخصًا وإصابة 11 آخرين، بينهم ضابطا شرطة.
ووصفت السلطات الأسترالية الحادث بأنه "وضع أمني نشط"، وطلبت من المواطنين الالتزام بإشعارات الشرطة.
وقال رئيس إسرائيل، إسحاق هرتسوغ، إن اليهود الذين حضروا مراسم "حانوكا" في شاطئ بونداي كانوا هدفًا "لهجوم قاسٍ جدًا".
وجاء هذا الحادث في وقت سبقته اتهامات من الحكومة الأسترالية للنظام الإيراني بالضلوع في هجمات معادية للسامية، ونتج عن ذلك طرد سفير طهران من سيدني.

أفاد تقرير مشترك نشرته صحيفة "واشنطن بوست" وبرنامج "فرونت لاين" التابع لشبكة "بي بي إس" الأميركية حول العملية الإسرائيلية "نارنيا" لاستهداف العاملين في البرنامج النووي الإيراني و"حرب الـ 12 يومًا"، بأن القائمة الأولية للأهداف تضمنت 100 شخص، قبل أن يتم تقليصها لاحقًا.
وبحسب التقرير، الذي نُشر يوم الأربعاء 17 ديسمبر (كانون الأول)، استخدم جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) "سلاحًا خاصًا" في عملية "نارنيا" لتنفيذ هجمات دقيقة داخل إيران.
وأشار إلى أن "الموساد" استعان في العملية بأكثر من 100 عميل إيراني، وتم تجهيز بعضهم بسلاح ثلاثي الأجزاء سري صُمم لاستهداف أهداف عسكرية محددة.
وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" إن هذا السلاح الخاص كان أحد العناصر الأساسية للاستراتيجية متعددة المستويات لهجوم إسرائيل على البرنامج النووي والقدرات العسكرية الإيرانية، إذ سمح للعملاء بتنفيذ عمليات برية دقيقة قبل دخول مقاتلات القوات الجوية الإسرائيلية إلى المجال الجوي الإيراني.
وأضاف التقرير أن السلطات الإيرانية تمكنت من اكتشاف بعض منصات إطلاق هذا السلاح، لكن الصواريخ والجزء الثالث منه لم يتم العثور عليها أبدًا.
تفاصيل عملية "نارنيا": الهجوم الذي خشيت إسرائيل تنفيذه
كانت القناة 12 الإسرائيلية، قد أعلنت في 20 يونيو (حزيران) الماضي، أن جميع العاملين في البرنامج النووي في طهران استُهدفوا أثناء نومهم في منازلهم.
وقال مسؤول إسرائيلي رفيع شارك في التخطيط للعملية لصحيفة "واشنطن بوست" إن هذه الخطوة كانت "غير مسبوقة" من الناحية العملياتية، وإن العملاء المشاركين لم يكن لديهم سوى معرفة محدودة بمهمتهم، ولم يكونوا على اطلاع كامل بأبعاد الهجوم.
كما ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، في 30 يونيو الماضي، أن "الهجمات نُفذت في وقت واحد لمنع الأهداف من الاختفاء".
عملية "نارنيا"
بدأت إسرائيل، فجر الجمعة 13 يونيو الماضي، بالتزامن مع الهجمات الواسعة على البنى التحتية العسكرية والنووية الإيرانية، عمليات استهداف العاملين في البرنامج النووي بشكل مباشر.
ووفقًا لمسؤولين استخباراتيين أميركيين وإسرائيليين، كان الهدف من هذه العملية "تدمير النواة الفكرية" للبرنامج النووي الإيراني.
قتلى الساعات الأولى للهجوم
في الساعات الأولى للهجوم، قُتل محمد مهدی تهرانجی، وهو فيزيائي نظري ومتخصص في المواد المتفجرة، والمُدرج تحت العقوبات الأميركية، في منزلهبطهران.
ثم قُتل الرئيس السابق لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية، فریدون عباسی، في هجوم آخر بعد ساعتين.
وأعلنت إسرائيل أنها قتلت 11 شخصًا من العاملين في البرنامج النووي، يوم 13 يونيو والأيام التالية.
وذكرت "واشنطن بوست" و"فرونت لاين" أن العملية استندت إلى سنوات من التجسس وجمع المعلومات وإعداد ملفات دقيقة عن أماكن إقامة وتحركات ونشاطات نحو 100 عالم نووي إيراني.
الخسائر البشرية
بحسب نتائج التحقيق المشترك مع فريق موقع «بيلينغكات» الإلكتروني الاستقصائي، فقد قُتل 71 مدنيًا في خمس هجمات استُهدف فيها العاملون بالبرنامج النووي على الأقل.
في إحدى الهجمات على مجمع يُعرف باسم "مجمع الأساتذة" شمال طهران، قُتل 10 مدنيين من بينهم طفل يبلغ شهرين.
وفي هجوم آخر، قُتل نجل محمد رضا صدیقی صابر، أحد العاملين بالبرنامج النووي، والذي كان من العمر 17 عامًا، بينما قُتل صابر نفسه بعد أيام في محافظة جيلان.
وقال مسؤول أمني إسرائيلي رفيع لصحيفة "واشنطن بوست" إن "أحد الاعتبارات الرئيسة في التخطيط لعملية نارنيا كان تقليل الخسائر المدنية إلى الحد الأدنى".
وفي المقابل، أعلنت السلطات الإيرانية أن الهجمات الإسرائيلية أوقعت أكثر من ألف قتيل، من بينهم مئات المدنيين.
البرنامج النووي الإيراني
أكد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، يوم الأربعاء، أن العديد من المعدات النووية في إيران دُمّرت خلال الهجمات الأميركية والإسرائيلية في "حرب الـ 12 يومًا"، وقال: "إن برنامج طهران النووي لم يُدمّر بالكامل".
وأضاف: "نجحت الولايات المتحدة في الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية".
ووفقًا لتقرير "واشنطن بوست" و"فرونت لاين"، فقد أرجأت الهجمات الإسرائيلية والأميركية، بما في ذلك قصف مراكز نطنز وفوردو ومقتل القادة العسكريين، البرنامج النووي الإيراني "لسنوات"، لكن، بحسب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي،"لم يُدمّر بالكامل".
وقال غروسي إن طهران ما زالت تحتفظ بمخزونات من اليورانيوم المخصّب بنسبة 60 في المائة، وإن تقييم الأضرار بدقة غير ممكن بدون وصول المفتشين.
وفي الوقت نفسه، يؤكد المسؤولون الإيرانيون أن المعرفة الفنية النووية لن تُفقد بقتل العاملين في البرنامج.
وقال أمير تهرانجی، شقيق محمد مهدی تهرانجی، لـ "فرونت لاين": "حتى لو قتلوا هؤلاء الأساتذة، قد لا يكونون موجودين، لكن معرفتهم لن تُفقد من بلدنا".
وتعتقد السلطات الاستخباراتية الإسرائيلية أن قتل هؤلاء العاملين في البرنامج النووي كان الجزء الأهم من عملية "نارنيا"، لأن القادة العسكريين يمكن استبدالهم بمعدات، بينما المعرفة التي كان يمتلكها هؤلاء لا يمكن استرجاعها بسهولة.

كشف الرئيس الإيراني الأسبق، حسن روحاني، أن بعض المسؤولين الموثوقين قبل نحو 10 إلى 15 عامًا كانوا يعتقدون أن احتمال هجوم إسرائيل أو الولايات المتحدة على إيران معدوم ومستحيل، وأن أي هجوم من إسرائيل سيؤدي إلى "دمارها في أيام قليلة"، وأن إيران ستقتل عشرات الآلاف من الجنود الأميركيين.
وأشار روحاني، خلال اجتماع مع نواب وزراء من حكومتيه الحادية عشرة والثانية عشرة، يوم الأربعاء 17 ديسمبر (كانون الأول)، إلى أن هؤلاء المسؤولين الموثوقين كانوا يقدمون "حسابات غير دقيقة" لصانعي القرار في إيران، لكنه لم يكشف عن أسمائهم أو مناصبهم، مؤكدًا أن المسؤولية تقع على أصحاب القرار الأعلى، وليس على هؤلاء المستشارين.
وأكد روحاني أن تقديم "حسابات خاطئة" للقيادة يعد "أعلى درجات الخيانة"، وأن الحكومة يجب أن تقوي نفسها، وألا تعتمد على هذه التقديرات المتفائلة بشأن الأمن القومي.
وأوضح أنه بعد مرور نحو خمسة أشهر على الحرب التي دامت 12 يومًا، لا تزال البلاد في حالة "لا حرب ولا سلم"، وأن شعور الأمن غير متوفر، رغم تصريحات معظم المسؤولين العسكريين والسياسيين الإيرانيين مؤخرًا عن "القدرات العسكرية العالية"، مؤكدًا أن السماء فوق إسرائيل وحتى إيران "آمنة تمامًا للعدو".
واعتبر روحاني أن الاعتماد على معلومات خاطئة أو غير دقيقة من المسؤولين الأدنى رتبة يعد خطرًا كبيرًا، وحذر من قبول هذه التقديرات بسهولة من قِبل القيادات العليا.
كما أشار إلى أن الوضع الداخلي يعاني الفوضى، حيث يقول كل شخص ما يشاء، وتتصادم الآراء، معتبرًا أن هذا لا يؤدي إلى أي تقدم أو حل للمشكلات.
وفي ما يتعلق بالسياسة الخارجية، رفض روحاني فكرة أن البلاد بلا خيارات وأن الوضع قد وصل إلى طريق مسدود، مؤكدًا ضرورة اتخاذ خطوات مهمة لمعالجة الأزمات الاقتصادية والمعيشية، رغم أن الحلول لن تكون فورية.
