ووصف حسين سلاح ورزي، الرئيس السابق لغرفة التجارة في إيران، هذه المشاهد بأنها «مدعاة للخزي»، منتقداً الأوضاع القائمة بالقول: «شعبٌ تؤمّن بلاده أكثر من 70% من وارداتها من الصين، لا ينبغي له أن ينام على الأرصفة من أجل الحصول على إذن سفر».
كما دعا رئيسَ الحكومة مسعود بزشكيان، قبل زيارته المقررة إلى بكين، إلى «إصدار أمر بإنهاء هذه الطوابير المذلة».
تأتي هذه الصور في وقت يروّج فيه نظام الجمهورية الإسلامية، عبر دعايته الرسمية، لتعزيز العلاقات الاستراتيجية مع الدول الشرقية، وفي مقدمتها الصين. لكن مشاهد الانتظار لساعات طويلة – وحتى النوم أمام السفارات – للحصول على موعد فيزا، تكشف عن تزايد الرغبة لدى الإيرانيين بالهجرة، حتى إلى دول مثل الصين.
ويرى خبراء أن تصاعد التضخم، والفساد الممنهج، والانسداد السياسي، وغياب آفاق العمل والرفاه، خصوصاً أمام الشباب والطبقة الوسطى، من أبرز دوافع موجة الهجرة المتنامية. وقد شهدت الأشهر الأخيرة ارتفاعاً ملحوظاً في طلبات الحصول على تأشيرات دراسية وعملية وسياحية إلى دول آسيوية وأوروبية، بما يعكس عمق هذه الظاهرة.
زيارة مسعود بزشكيان المقبلة إلى الصين، والتي أعلنتها المتحدثة باسم الحكومة فاطمة مهاجراني، باتت تحت ضغط الانتقادات والرأي العام، حيث يطالب كثير من الناشطين على مواقع التواصل الحكومة بالتركيز على معالجة جذور الأزمات الاقتصادية والاجتماعية بدلاً من الاكتفاء بتوسيع العلاقات الرمزية، حتى لا يضطر المواطنون لقضاء الليل على أرصفة السفارات طلباً لمغادرة البلاد.
وفي السياق نفسه، قال رحيم زارع، عضو لجنة التخطيط والميزانية في البرلمان، في 22 آب/أغسطس، إن كثيراً من الإيرانيين عرضوا منازلهم للبيع سعياً للهجرة، مشيراً إلى أن هذه الظاهرة تُعد من العوامل التي أسهمت في ارتفاع أسعار العملات الأجنبية.
وأضاف: "خلال 48 ساعة فقط، تم عرض 240 ألف وحدة سكنية للبيع في طهران، وهو أمر مقلق للغاية، ويُعد عاملاً أساسياً في زيادة سعر الدولار".
تسارع وتيرة الهجرة من إيران
ظاهرة الهجرة من إيران بدأت بالتصاعد قبل فترة طويلة من الحرب الأخيرة بين الجمهورية الإسلامية وإسرائيل، وكانت جهات ومؤسسات مختلفة قد حذّرت سابقاً من تبعاتها.
فقد صرّح بهرام صلواتي، الرئيس السابق لمرصد الهجرة الإيراني، في 28 تموز/يوليو بأن ما يقرب من 4% من الشباب المتعلم والطلاب الإيرانيين غادروا البلاد.
وكان قد أشار في وقت سابق إلى أن عدد الطلاب الإيرانيين المهاجرين تجاوز 100 ألف، فيما لا يعود إلى البلاد سوى 1% منهم فقط.
هجرة النخب، وأعضاء الكادر الطبي، وأساتذة الجامعات، والكوادر المتخصصة في السنوات الأخيرة أثارت قلقاً واسعاً بين الخبراء والرأي العام الإيراني.
كما أورد موقع "ديجياتو" في أيار/مايو أن إيران تحولت إلى دولة مصدّرة للكوادر البرمجية المتخصصة.