وذكرت وكالة "تسنيم"، التابعة للحرس الثوري الإيراني، يوم السبت 16 أغسطس (آب)، في تقرير بعنوان "لا إرادة للإنقاذ"، أن أكثر من 15 ألف هكتار من المسطح المائي لـ "ميانكاله" قد جفّت، ولم يبقَ منها سوى نحو 30 ألف هكتار.
وقد عُدّ انخفاض تدفّق المياه من نهري نكا وتجن، والاستغلال الزراعي، والتغيرات المناخية، وتآكل الموارد الطبيعية، وسوء إدارة المياه، وغياب سياسة بيئية موحّدة، من العوامل الرئيسة لهذه الأزمة.
كما أن الانخفاض الحاد في منسوب المياه، والترسّبات، وتدفّق الملوثات ومياه الصرف الزراعي والصحي، لم تؤدِّ فقط إلى تدهور نوعية المياه، بل أخلّت أيضًا بتوازن النظام البيئي للبحيرة.
وتُظهر الدراسات الميدانية وصور الأقمار الصناعية أنه خلال السنوات الخمس الماضية، انخفض المسطح المائي للبحيرة بنسبة تتراوح بين 30 و35 في المائة، فيما تراجعت تدفّقات نهري نكا وتجن بما يصل إلى 40 في المائة.
التداعيات البيئية والمعيشية
تُعد "ميانكاله" واحدة من تسع محميات للمحيط الحيوي في إيران، ومن البحيرات المدرجة في قائمة "اتفاقية رامسار"، ولها دور حيوي في تنظيم مناخ المنطقة، والتحكم بالفيضانات، والحفاظ على التنوع البيولوجي في شمال إيران.
وقد شكّلت هذه البحيرة لعقود جزءًا لا يتجزأ من معيشة السكان المحليين، سواء من خلال الصيد أو الزراعة أو السياحة، غير أن جفاف مساحات واسعة منها بات يهدد الاقتصاد المحلي والأمن الغذائي للمنطقة.
وقالت زهرا خليلي، وهي من سكان القرى المحيطة بالبحيرة، لوكالة "تسنيم": "مياه البحيرة تراجعت، ولم نعد نرى أعداد الطيور كما في السابق. كل هذه التغيرات تؤلمنا.. نخشى ألا يتمكن أبناؤنا في المستقبل من رؤية هذه المناظر الطبيعية والعيش بجوار البحيرة".
وقال قاسم، وهو صياد متقاعد: "إن انخفاض منسوب المياه وجفاف البحيرة لم يؤثر فقط على حياة السكان المحليين، بل أحدث تغييرات في سلوك الطيور والحيوانات، وأخلّ بالتوازن الطبيعي للبحيرة".
آراء الخبراء والناشطين البيئيين
أكّد يونس محمدي، الناشط البيئي، في مقابلة مع وكالة "تسنيم"، دور السكان المحليين في خطط إحياء بحيرة ميانكاله قائلًا: "أهالي المنطقة مستعدون للتعاون، فقط يجب أن يُمنحوا الثقة. نحن نعرف أكثر من أي أحد آخر كيف يجب أن تعود البحيرة إلى الحياة".
وحذّر من أنه في حال استمرار الإهمال، "فلن تعود الأسماك والطيور المهاجرة، وستزداد معاناة السكان".
كما شدّد المدير العام لحماية البيئة في محافظة مازندران بإيران، محمد رضا كنعاني، على أن تحديد وتثبيت الحدود القانونية لمحمية الحياة البرية والبحيرة الدولية "ميانكاله" أمر ضروري من أجل إنقاذها.
ميانكاله، التي كانت في يوم من الأيام موئلًا لآلاف الطيور المهاجرة، تحولت اليوم بفعل الجفاف وسوء الإدارة إلى أراضٍ ملحية وصحراء قاحلة.
وإذا ما استمر هذا المسار، فلن يقتصر الأمر على نهاية حياة هذه المحمية الحيوية، بل سيؤدي أيضًا إلى موت غابات "هيركاني" العريقة، التي تعود إلى ملايين السنين، وإلى تغيير جذري في النظام البيئي لشمال إيران في مستقبل قريب لا مفر منه.