وجاء في هذا التقرير، الذي نُشر اليوم الخميس 17 يوليو (تموز): "في الوقت الذي تعتمد فيه الأهواز على النفط، وكرمان على النحاس والفحم، وهرمزغان على موانئها، بلغ مؤشر البؤس في هذه المحافظات الثلاث مستويات غير مسبوقة.
ووفقًا للبيانات الرسمية الصادرة عن مركز الإحصاء، بلغ مؤشر البؤس في ربيع 2025 الرقم الحرج 42.2، غير أن الأرقام في هذه المحافظات تقترب من حدود كارثية.
ويُحسب مؤشر البؤس من مجموع معدل التضخم السنوي ومعدل البطالة الفصلي، ويُعد مؤشرًا لقياس مستوى الضغوط الاقتصادية والمعيشية على المجتمع.
وأضاف التقرير أن تزايد البطالة وغلاء الأسعار في آنٍ واحد لا يُضعف فقط القدرة الشرائية للمواطنين، بل يهدد أيضًا الاستقرار الاجتماعي والنفسي.
وتشير أحدث الإحصاءات في ربيع 2025 إلى ارتفاع مؤشر البؤس في إيران بمقدار وحدتين مقارنة بالعام السابق، فيما دق ناقوس الخطر بشدة في الأهواز وكرمان وهرمزغان أكثر من أي مكان آخر في البلاد.
يأتي هذا في حين تُعتبر هذه المناطق الثلاث من المناطق الغنية في إيران من حيث الموارد الطبيعية والموقع الاستراتيجي.
وكان مركز الإحصاء الإيراني قد أعلن سابقًا عن ارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية الأساسية للعائلات خلال يونيو (حزيران).
وسجلت الأهواز، بمؤشر بؤس بلغ 46.6 في المائة، أعلى رقم بين جميع المحافظات الإيرانية.
وهذه المنطقة الغنية التي تضم موارد هائلة من النفط والغاز وقصب السكر والصلب والمياه السطحية والموانئ، تواجه اليوم ضغوطًا معيشية جمة نتيجة معدل تضخم بلغ 35.6 في المائة ومعدل بطالة بلغ 11 في المائة.
وبحسب تقرير "ركنا" المستند إلى تقارير رسمية، فإن "أزمة المياه والعواصف الترابية، والهجرة المناخية الواسعة، والبطالة المرتفعة في المناطق المحلية، وضعف البنية التحتية في مجالي الصحة والتعليم، والفساد البنيوي في توزيع الموارد" من أبرز المشكلات التي تواجهها الأهواز.
تأتي محافظة كرمان في المرتبة الثانية على مستوى البلاد بمؤشر بؤس بلغ 45.9 في المائة، وهو وضع مأساوي لمحافظة تتمتع بموارد وفيرة مثل النحاس والفحم الحجري وخام الحديد والطاقة الشمسية والأراضي الزراعية الخصبة.
ويرى محللون أن هذا التفاوت بين الإمكانات والواقع ناتج عن نموذج تنموي "قائم على استخراج الموارد" يركز على استغلال الثروات أكثر من تحسين مستوى معيشة السكان.
وحدد تقرير "ركنا" التحديات التي تواجه كرمان بأنها "ارتفاع التضخم في السلع الاستهلاكية، وتدني أجور عمال المناجم، وهجرة الشباب بسبب نقص فرص العمل، وضعف الوصول إلى التسهيلات البنكية في المناطق الريفية".
رغم موقعها الاستراتيجي ودورها الحيوي في التجارة البحرية، تعاني هرمزغان من مشكلات معيشية حادة، حيث جاءت في المرتبة الثالثة على مستوى البلاد بمؤشر بؤس بلغ 45.8 في المائة.
وبحسب "ركنا"، فإن "نمو العشوائيات، وانتشار المساكن غير الرسمية، وضعف التعليم، وارتفاع التضخم" من أبرز المشكلات في هذه المنطقة.
ووفقًا للإحصاءات الرسمية، يُعد التفاوت الشديد في الدخل بين المناطق الساحلية وسكان الأطراف في بندر عباس من أعلى معدلات عدم المساواة في البلاد.
التحذير من تصاعد السخط الاجتماعي
وذكرت "ركنا" في ختام تقريرها: "مؤشر البؤس ليس مجرد رقم؛ بل هو انعكاس للسياسات غير المتوازنة، والتخطيط غير الواقعي، والانقسام الاجتماعي في بعض أهم محافظات البلاد. عندما تتصدر المناطق الغنية بالموارد قائمة البؤس، فهذا يعني أن توزيع الموارد والرفاه لم يتم بشكل عادل".
وحذرت هذه الوسيلة الإعلامية من تصاعد "السخط الاجتماعي، والهجرة، بل وحتى عدم الاستقرار الإقليمي" في إيران، داعية حكومة مسعود بزشكيان إلى وضع تغيير المحافظين على رأس أولوياتها.