يقدم هذا التقرير دليلًا عمليًا لأولئك الراغبين في مقاومة القمع والعمل على إنقاذ حياة المعتقلين.
في طريق الدفاع عن حياة المعتقلين، يجب ألا يكون هناك تمييز على أساس الانتماء السياسي أو المعتقد الديني أو نمط الحياة. حتى إن كان المعتقلون يحملون آراءً مختلفة أو معارضة، فإن الدفاع عن الحق في الحياة والحقوق الإنسانية هو مبدأ شامل غير قابل للتفاوض.
وشهدت إيران خلال الشهر الماضي تصعيدًا أمنيًا جديدًا تمثل في حملات اعتقال جماعية وتشديد كبير على الحريات العامة.
طالت هذه الاعتقالات ليس فقط الناشطين السياسيين والمدنيين، لكن مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي أيضًا، وأفرادًا من الأقليات الدينية مثل اليهود، والبهائيين، والمسيحيين، وحتى أجانب يقيمون في إيران، مما زاد من القلق بشأن تصاعد القمع.
وإلى جانب التقارير المتعددة حول انقطاع التواصل تمامًا مع عائلات المعتقلين وبث الاعترافات القسرية لبعضهم، تتزايد المخاوف من المحاكمات المستعجلة وغير العادلة، وصدور أحكام بالإعدام أو السجن المطوّل.
تشير الإحصائيات الصادرة عن وسائل إعلام حقوقية إلى أن السلطات الإيرانية اعتقلت، منذ بداية الحرب مع إسرائيل في يونيو (حزيران) الماضي، ما لا يقل عن 2000 شخص في مختلف المدن الإيرانية.
وأعلنت السلطة القضائية صراحةً أن ملفات هؤلاء المعتقلين- الذين يواجه بعضهم اتهامات مثل "التجسس"- سيتم البت فيها بـ"أولوية قصوى".
وفي أحدث تصريح له، هدّد وزير الاستخبارات الإيراني، إسماعيل خطيب، بأن المعتقلين الذين اتُّهِم بعضهم بـ"التجسس"، سينالون "عقابهم الكامل"، مشيرًا إلى تنفيذ أحكام إعدام بحق آخرين.
وقد حذّرت منظمات حقوقية محلية ودولية من تصاعد القمع وإمكانية تكرار مجازر مثل "مجزرة صيف 1988".
أهمية التبليغ السريع
لطالما أنكرت الأجهزة الأمنية الإيرانية، على مدى عقود، وجود المعتقلين أو امتنعت عن الكشف عن أماكن احتجازهم أو حالتهم الصحية.
الإعلان العلني عن الاعتقال يُحمّل الجهات الأمنية مسؤولية سلامة المعتقل ويجبرها على الرد.
في غياب التبليغ، قد يبقى المعتقل "مختفيًا قسريًا" لأسابيع أو شهور، دون تسجيل رسمي، أو زيارة، أو تمثيل قانوني، ومعرضًا للتعذيب في زنزانات انفرادية تُعرف باسم "أم الإعدام".
في سجون إيران، تُسمى الزنزانات الانفرادية "أم الإعدام"، لأن المعتقلين السياسيين يوضعون فيها في بداية فترة احتجازهم، حيث يتعرضون للتعذيب، ويُحرمون من حق الاتصال بالعائلة أو المحامي. وتُنتزع منهم اعترافات قسرية، تُستخدم لاحقًا كأساس لإصدار أحكام بالإعدام.
خلاصة التجربة: نسبة كبيرة من المعتقلين خلال الأسابيع الأولى يتعرضون للتعذيب من أجل انتزاع الاعترافات، وإذا لم تُبادر عائلاتهم بالإبلاغ السريع، يتفاقم الخطر.
لهذا فإن التبليغ السريع والواسع عن حالات الاعتقال هو الخطوة الأساسية الأولى في مواجهة القمع.
وكلما سارعت العائلة أو الأصدقاء بإعلان خبر الاعتقال، تقلّصت قدرة النظام على الاستفراد بالمعتقل، وزادت فرص نجاته.
أما الصمت، فقد أدى في كثير من الحالات إلى الإخفاء القسري، والاعتراف القسري، ومن ثم صدور أحكام بالإعدام أو السجن الطويل.
كثير من المعتقلين السياسيين الذين أُعدِموا في العقود الأربعة الماضية، قيل لهم أو لعائلاتهم عند الاعتقال إن "الأمر مجرد تحقيق بسيط" وسيعودون قريبًا. لكنهم لم يعودوا قط، بل أُعدموا بعد أيام أو شهور أو سنوات.
يُرسل الإعلان العلني عن الاعتقال رسالة إلى أجهزة الأمن مفادها أن الملف بات تحت الرقابة العامة، وأن أي تجاوز ستكون له تبعات دولية.
ما ينبغي فعله فور الاعتقال:
•الإبلاغ العاجل عبر وسائل الإعلام، وسائل التواصل الاجتماعي، ومنظمات حقوق الإنسان
•نشر اسم المعتقل الكامل، صورته، عمره، مكان ميلاده، مهنته، مجال دراسته، مكان وتاريخ
اعتقاله، الجهة التي اعتقلته، ومكان احتجازه المتوقع
•إرسال تحديثات مستمرة عن حالته القانونية
•إنتاج محتوى مؤثر عن حياته وشخصيته
•استخدام قنوات إعلامية آمنة
الإعلام من أقوى أدوات مواجهة القمع. إذا حظي اعتقال شخص ما بتغطية واسعة، يصعب على القضاء والأمن الاستمرار في الإجراءات التعسفية.
تكرار ذكر أسماء المعتقلين في الإعلام المحلي والدولي يمكن أن يغيّر مسار القضايا، ويمنع بقاءهم في العزل الانفرادي، وبالتالي يقلّل خطر صدور أحكام الإعدام.
وقد أنقذت التغطية الإعلامية حياة كثيرين سابقًا.
لكن يجب الحذر من نشر مزاعم بلا دليل، أو أقوال قد تستغلها السلطات لتبرير القمع، كاتهام المعتقل بنشاط أمني دون سند.
وسائل الدعم الإعلامي:
•إرسال المعلومات للصحفيين المتخصصين
•إجراء مقابلات مع عائلات المعتقلين
•إنشاء هاشتاغات خاصة بكل معتقل
•تنظيم حملات توقيع تطالب بالإفراج عنه
•الاستفادة من الإعلام المحلي والدولي لنشر مستجدات قضيته
دعم العائلات نفسيًا وماديًا
تعاني العائلات من ضغوط مالية ونفسية شديدة، وتفقد أحيانًا معيلها الوحيد.
كما تواجه تكاليف المحاماة، العلاج، وزيارات السجن.
أشكال الدعم الممكنة:
•إنشاء صناديق مالية للمساعدة
•تقديم استشارات قانونية ونفسية مجانية
•دعم تعليم وصحة أطفال المعتقلين
•زيارة النشطاء لعائلات المعتقلين
•توفير أدوات اتصال آمنة وVPN
•إرسال أجهزة آمنة (هاتف – كمبيوتر) من الخارج
•تقديم دورات في الأمان الرقمي
•الانضمام لشبكات العائلات المتضررة للاستفادة من خبراتهم
كثير من المعتقلين يُفرج عنهم بشروط، ويظل الضغط عليهم قائمًا.
يجب مواصلة الدعم بعد الإفراج:
•تغطية إعلامية بعد الإفراج
•دعم فرص العمل والتعليم
•المساعدة في طلب اللجوء حال استمرار التهديد
•الدعم النفسي والاجتماعي
الرأي العام قادر على إيقاف القمع أو إبطائه. كلما زاد الحديث عن معتقل، ارتفعت كلفة إبقائه رهن الاحتجاز.
أدوات الضغط:
•حملات على منصة "إكس" في تواريخ مفصلية
•دعم حملات مثل "ثلاثاء لا للإعدام"
•احتجاجات في الخارج
•إرسال خطابات للمؤسسات الدولية
•استخدام مشاهير الفن والرياضة والسياسة في حملات الدعم
النقابات والمؤسسات الأكاديمية والرياضية يمكنها لفت الأنظار دوليًا للقمع في إيران.
إجراءات مقترحة:
•بيانات رسمية من الجمعيات المهنية
•متابعة وضع الطلاب المعتقلين
•مقاطعة البطولات الرياضية
•التواصل مع الهيئات الدولية المرتبطة بالمعتقل
(نقابات الصحفيين، اتحادات الرياضيين، جمعيات الأطباء...)
الأنشطة الفنية يمكن أن تؤدي دورًا مهمًا في إيصال صوت المعتقلين إلى العالم.
أمثلة:
•أفلام وثائقية عن القضايا
•معارض صور ولوحات
•عروض مسرحية وحفلات موسيقية احتجاجية
•ملصقات ومنشورات رقمية
•بودكاستات وقصص صوتية
•مشاركة في مهرجانات فنية وحقوقية
•ترجمة الأعمال إلى لغات متعددة
ماذا يمكن أن يفعله الإيرانيون في الخارج؟
بسبب حرية الإعلام والتواصل، الإيرانيون في الخارج يملكون أدوات قوية:
ما يمكن فعله:
•تنظيم مظاهرات وفعاليات رمزية
•لقاء النواب والبلديات والحكومات
•عرض صور المعتقلين في الأماكن العامة
•إنتاج فيديوهات وبودكاستات
•التواصل مع المؤثرين لنشر القضية
•تقديم الدعم الفني (ترجمة، أمن رقمي...)
•توعية المجتمعات المضيفة
الدعم الإلكتروني والأمن السيبراني
•إطلاق حملات منسقة عبر الإنترنت
•تأمين اتصالات العائلات والنشطاء
•التبليغ عن حسابات القمع إلى المنصات العالمية
•رصد ومواجهة الحملات التخريبية التابعة للنظام
التواصل مع منظمات حقوق الإنسان يعرقل القمع، ويمكنه إنقاذ الأرواح.
كيف؟
* إرسال تقارير موثقة إلى هيئات مثل:
* لجنة تقصي الحقائق بالأمم المتحدة
* العفو الدولية
* هيومن رايتس ووتش
* هرانا
* منظمة حقوق الإنسان في إيران
* مطالبة هذه الهيئات ببيانات عاجلة
* الضغط لتحريك برلمانات وحكومات
* مطالبة الدول بإدراج الحرس الثوري كمنظمة إرهابية
* التواصل مع سفارات الدول المعنية (جنسية مزدوجة – إقامة سابقة...)
الملاحقة القضائية الدولية
المسار القانوني الدولي يمكن أن يكون رادعًا.
إجراءات:
•تقديم ملفات إلى محكمة لاهاي
•رفع قضايا في الدول الديمقراطية ذات "الاختصاص العالمي"
•توثيق أدوار المتورطين وطلب مذكرات توقيف
•التعاون مع محامين دوليين
•دعم لجان الحقيقة والتوثيق التابعة للأمم المتحدة
رغم أن القمع قد لا يتوقف فورًا، فإن التوثيق الدقيق لكل انتهاك يبني أساس العدالة المستقبلية.
أدوات:
•تسجيل شهادات العائلات بالصوت أو الصورة
•توثيق طبي للإصابات
•التعاون مع منظمات التوثيق
•الضغط لتحريك العقوبات الحقوقية على الجناة
•حفظ الأمان الرقمي أثناء جمع الأدلة
العمل الجماعي يصنع الفرق
مع تهديد النظام الإيراني بـ"الحسم السريع" مع المعتقلين، فإن كل لحظة تأخير أو صمت قد تعني فقدان حياة.
التبليغ، الضغط الإعلامي، والتحرك المنظم هي أدوات متاحة للجميع.
كل فرد قادر على إحداث فرق عبر خطوات صغيرة ومستمرة، في مواجهة آلة القمع.
الصمت هو تواطؤ. التبليغ والعمل الجماعي هو السبيل لإنقاذ الأرواح ووقف دائرة الظلم.