صحيفة التلغراف تكشف عن حملة نفوذ تخريبية تشنها إيران في بريطانيا

ذكرت صحيفة تلغراف البريطانية، أن وزارة الخزانة البريطانية تُجري حاليًا تحقيقات بشأن شركات بريطانية يُشتبه في أنها انتهكت العقوبات المفروضة على البرنامج النووي الإيراني.

وبحسب الصحيفة، فإن المخاوف بشأن تسع حالات انتهاك محتملة للعقوبات البريطانية ضد إيران خلال عام 2024 ازدادت حدتها عقب الحرب الأخيرة التي استمرت 12 يومًا بين إيران وإسرائيل.

وأكدت الصحيفة في تقريرها أن هذه الانتهاكات للعقوبات مثيرة للقلق، لكنها تشكل فقط جزءًا صغيرًا من العمليات السرية الواسعة للنفوذ السياسي والتمويل غير القانوني لإيران داخل بريطانيا.

واعتبرت الصحيفة أن توسّع الحرب الهجينة التي تشنّها إيران ضد المؤسسات والمجتمع البريطاني هو نتيجة سنوات من تجاهل صناع القرار في التصدي لهذا التهديد، مشيرة إلى أن طهران تشنّ منذ زمن بعيد حربًا خفية ضد بريطانيا. وفي يونيو 2009، وصف علي خامنئي، المرشد الأعلى الإيراني، بريطانيا بأنها «أخبث» قوة أجنبية، وردّد الحضور في خطبة الجمعة بجامعة طهران آنذاك شعار «الموت لبريطانيا».

وتطرّقت تلغراف إلى بعض أنشطة إيران داخل بريطانيا، مشيرة إلى أن طهران سعت إلى التأثير على الرأي العام البريطاني لصالحها، بهدف تقويض دعم بريطانيا لحقوق الإنسان في إيران والرد على العقوبات المفروضة عليها.

وسلّط التقرير الضوء على الدور البارز الذي لعبته قناة «برس تي‌في»، الناطقة بالإنجليزية والتابعة لإيران، في بث الروايات الرسمية للنظام الإيراني، موضحًا أنه رغم إلغاء ترخيص القناة عام 2012 بسبب بث اعترافات قسرية، إلا أنها لا تزال تنشر تقارير عبر الإنترنت تروّج لسياسات طهران وتصوّر بريطانيا كدولة تعاني من أزمة اقتصادية حادة.

وأشارت الصحيفة إلى مشاركة عدد من الشخصيات السياسية من حزب العمال البريطاني، من بينهم جورج غالاوي وكريس ويليامسون وجيرمي كوربين، في برامج «برس تي‌في»، واعتبرت ذلك مؤشرًا على اتساع نطاق نفوذ إيران في بريطانيا.

وبحسب التقرير، ومع استمرار نشاط «برس تي‌في»، فقد بدأ دورها يتراجع لصالح الشبكات السيبرانية الإيرانية. فبين أكتوبر 2013 ومارس 2014، أنشأ عناصر تابعون لإيران صفحة على فيسبوك بعنوان «كارتون إسكتلندي»، دعمت استقلال إسكتلندا وادّعت أن رئيس الوزراء البريطاني آنذاك، ديفيد كاميرون، كان يقمع سكان إسكتلندا.

وأضافت الصحيفة أن دعم إيران للنزعة الانفصالية في إسكتلندا تزايد مجددًا قبيل انتخابات البرلمان الإسكتلندي عام 2021، وربما لا يزال مستمرًا حتى اليوم. ففي أوائل هذا الشهر، ومع تصاعد الهجوم الإسرائيلي، توقّف فجأة نشاط حسابات داعمة للاستقلال كانت قد نشرت نحو 250 ألف منشور.

وأشارت تلغراف إلى أن الحرب المعلوماتية الإيرانية في الفضاء السيبراني تتزامن مع أنشطة منظمات غير حكومية متعاطفة معها، مثل «لجنة حقوق الإنسان الإسلامية»، التي تنظّم سنويًا مسيرات يوم القدس، وكانت ترفع أعلام حزب الله اللبناني خلال هذه الفعاليات حتى قبل تصنيفه كمنظمة إرهابية عام 2019.

ورغم وجود تحقيقات تؤكد ارتباط هذه اللجنة بإيران، إلا أنها ما تزال نشطة وتخضع حاليًا للمراجعة بسبب دعمها لعمليات تخريبية ضد أهداف إسرائيلية، بحسب الصحيفة.

وأضافت تلغراف أن هذه الشبكات تنشط جزئيًا بفضل تدفّق «الأموال المظلمة» الإيرانية داخل النظام المالي البريطاني. ففي إطار جهود التوصل إلى الاتفاق النووي، رفعت بريطانيا عام 2016 العقوبات عن بنكي «ملي» و«صادرات» الإيرانيين. وقد ساهم بنك ملي في تمويل ميليشيات «كتائب حزب الله» التابعة لإيران في العراق، بينما تولّى بنك صادرات تمويل جماعات فلسطينية مسلحة كـ«حماس» و«الجهاد الإسلامي».

وذكر التقرير أن تصاعد القلق إزاء أنشطة إيران التخريبية في بريطانيا دفع الجهات الأمنية لاتخاذ إجراءات ملموسة. ففي أكتوبر 2024، أعلن كين مك‌كالوم، رئيس جهاز الاستخبارات الداخلية (MI5)، تخصيص «أعلى مستوى من الاهتمام» لمخاطر تصاعد أو توسّع الأنشطة العدائية الإيرانية في بريطانيا، مشيرًا إلى إحباط 20 مخططًا إيرانيًا محتملًا لاستهداف مواطنين بريطانيين.

وفي مارس 2025، أعلن وزير الأمن، دان جارويس، أن عملاء النظام الإيراني الذين لا يسجلون أنفسهم رسميًا في بريطانيا قد يواجهون عقوبة تصل إلى خمس سنوات سجن.

ورغم ذلك، شددت تلغراف على أن هذه الإجراءات المحدودة لا تكفي لمواجهة الحرب الخفية التي تشنّها إيران ضد بريطانيا، ودعت إلى فرض عقوبات أشد صرامة على الشبكات المالية الإيرانية وتقييد عمليات النفوذ التخريبي لطهران بشكل عاجل.