مستقبل خامنئي السياسي في ظل الهدنة "الهشة" بين إيران وإسرائيل

بعد أسبوع من إعلان الهدنة بين إيران وإسرائيل بوساطة أميركية، لا يزال مستقبل هذا الاتفاق محاطًا بالغموض والشكوك.

وفي تقرير لها يوم الاثنين 30 يونيو (حزيران)، أفادت وكالة "أسوشيتد برس" بأن الهدوء الذي أعقب الهجمات الأميركية على ثلاثة مواقع نووية إيرانية استراتيجية، لم يبدد المخاوف من تجدد التصعيد، وسط تساؤلات جدية بشأن مدى صمود هذه الهدنة.

الضربة الأميركية على المواقع النووية الإيرانية

أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مرارًا أن المواقع النووية الإيرانية الثلاثة دُمّرت بالكامل، وهو ما أكده أيضًا وزير دفاعه، بيت هيغسيث.

لكن تقريرًا أوليًا لوكالة الاستخبارات الدفاعية الأمريكية (DIA) أشار إلى أن الضربات تسببت بأضرار جسيمة في منشآت "فردو" و"نطنز" و"أصفهان"، لكنها لم تدمّرها كليًا.

ومن جانبه، قال مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي:
"إن المواقع الثلاثة التي كانت تُستخدم للمعالجة والتحويل وتخصيب اليورانيوم، تضررت بشكل كبير، لكنها ليست مدمرة تمامًا، ولا تزال أجزاء منها قائمة. وبما أن القدرات النووية لإيران لا تزال موجودة، فإنهم قادرون على استئناف العمل إن أرادوا".

علاقات واشنطن وطهران.. غموض وتوتر

بعد إعلان الهدنة، تحدث ترامب عن إمكانية تخفيف العقوبات، إلا أن موقفه تغيّر لاحقًا، خاصة بعد أن صرّح المرشد الإيراني، علي خامنئي، بأن إيران "وجّهت صفعة قوية لأميركا".

وردّ ترامب على ذلك مؤكدًا أن "المرشد الإيراني فشل بشدة"، وأعلن تراجعه عن تخفيف العقوبات بسبب تصريحات خامنئي "المتشددة".

ورغم أن مسؤولين في البيت الأبيض أشاروا إلى وجود محادثات أولية لاستئناف المفاوضات، إلا أن وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، نفى أي تواصل مباشر في الوقت الراهن.

خامنئي.. الدور والظل والشكوك

تقدّم خامنئي في العمر وحالته الصحية الضعيفة في الأشهر الأخيرة أثارت تساؤلات حول دوره الفعلي في صنع القرار، خصوصًا فيما يتعلق بالرد على الهجمات الأميركية والإسرائيلية.

وذكرت "أسوشيتد برس" أن خامنئي حكم إيران ثلاثة أضعاف مدة حكم سلفه الخميني، وقد رسّخ نظام حكم رجال الدين الشيعة، محاطًا بنفوذ شبه مطلق بين المتشددين في البلاد.

تهديدات انتقامية وتخوف من التصعيد الإلكتروني

في أعقاب ضربات واشنطن، أطلقت إيران صواريخ على قاعدة "العديد" الأميركية في قطر، في خطوة وصفها البيت الأبيض بأنها "رمزية" لحفظ ماء الوجه داخليًا.

إلا أن التهديد الحقيقي، كما ترى واشنطن، لا يزال قائمًا على صعيد الهجمات السيبرانية، إذ سبق لمجموعة "هاكرز" تابعة للحرس الثوري الإيراني استهداف مؤسسات مالية وعسكرية أميركية، وإن لم تسفر عن أضرار جسيمة حتى الآن.

ودعت وزارة الأمن الداخلي الأميركي إلى رفع مستوى التأهب السيبراني في قطاعات حيوية، كالماء والكهرباء، تحسبًا لأي اختراقات إيرانية.

هل تصمد الهدنة؟

ترامب أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بعد الضربات بأن الولايات المتحدة لا تخطط لهجمات إضافية، في حين حذر نتنياهو من أن إسرائيل ستستأنف ضرباتها إذا عادت إيران للأنشطة النووية.

وعلى الرغم من أن طهران لم تقدّم أي تعهّد رسمي بوقف أنشطتها النووية، فإن ترامب يرى أن إيران حاليًا "لا تفكر في تخصيب اليورانيوم، فهذا آخر ما يشغلهم حاليًا".

وخلاصة الأمر أن الوضع بين إيران وإسرائيل دخل مرحلة هدنة هشة، لا تحمل ضمانات طويلة الأمد، وسط تصعيد سياسي وعسكري متواصل في الخطابات، وغموض متزايد في مواقف طهران وواشنطن على حدّ سواء.