تقارير متضاربة بشأن الموقف الأميركي من استمرار التخصيب داخل إيران

جدد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، تأكيده أنه في أي اتفاق محتمل مع إيران، لن يُسمح بأي نوع من تخصيب اليورانيوم داخل الأراضي الإيرانية. وقد سبق هذا التصريح تقارير إعلامية أميركية تحدثت عن تغيّر في موقف واشنطن وموافقتها على التخصيب المحدود داخل إيران.
ففي مساء يوم الاثنين 2 يونيو (حزيران)، نشر ترامب منشورًا على منصته الاجتماعية "تروث سوشيال"، انتقد فيه أداء جو بايدن، الرئيس الأميركي السابق، وأكد أن الولايات المتحدة لن تسمح، في أي اتفاق محتمل مع طهران، بأي نوع من تخصيب اليورانيوم داخل إيران.
يأتي ذلك بينما كان موقع "أكسيوس" قد أفاد قبل ساعات من هذا المنشور بأن إدارة ترامب قدّمت عرضًا سريًا لإيران، يقضي بالسماح بتخصيب محدود لليورانيوم داخل الأراضي الإيرانية.
ووصف موقع "أكسيوس" هذا الإجراء بأنه يتعارض مع المواقف العلنية لمسؤولين مثل ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص لترامب، وماركو روبيو، وزير الخارجية الأميركي.
ونقل الموقع عن مصدرين مطلعين– لم يكشف عن اسميهما– أن إيران، بموجب هذا العرض، يُسمح لها بتخصيب اليورانيوم بنسبة لا تتجاوز 3%، لكنها مطالبة بتعطيل منشآتها تحت الأرض لفترة زمنية محددة، ووقف تطوير أجهزة الطرد المركزي المتقدمة.
وذكر المطلعون لـ"أكسيوس" أن هذا العرض قد يفتح طريقًا جديدًا للتوصل إلى اتفاق، رغم ما قد يثيره من ردود فعل سلبية من حلفاء الولايات المتحدة، وخاصة إسرائيل وأعضاء الكونغرس الجمهوريين.
رفض طهران للاقتراح الأميركي
من جهة أخرى، صرّح مسؤول رفيع في النظام الإيراني لقناة "سي إن إن"، يوم الاثنين 2 يونيو، بأن الاقتراح الأميركي الجديد المتعلق بالاتفاق النووي "غير متسق ومفكك".
ولم تذكر "سي إن إن" اسم هذا المسؤول الإيراني، لكنها نقلت عنه أن الحكومة الإيرانية ترفض هذا الاقتراح الجديد.
وقال: "من النظرة الأولى، يبدو هذا العرض غير متسق ومفكك، وغير واقعي للغاية، ويتضمن مطالب مبالغ فيها".
وأضاف هذا المسؤول أن "أهم عائق أمام تقدم المفاوضات هو تغيّر مواقف أميركا المستمر".
وتابع: "إن واقع تغيّر الموقف الأميركي بشكل دائم كان حتى الآن العائق الرئيسي أمام نجاح المفاوضات، وقد جعل الأمور اليوم أصعب من أي وقت مضى".
وزعم أيضًا أن النص الجديد "يتناقض بشكل واضح مع الاتفاقات السابقة".
وقال لقناة "سي إن إن": "هذا النص يتعارض بوضوح مع ما تم الاتفاق عليه في الجولة الخامسة من المفاوضات. موقف إيران من مسألة التخصيب حاسم وغير قابل للتغيير".
كما نقلت القناة عن مصادر مطلعة على سير المفاوضات أن زخم المفاوضات وسرعتها نحو التوصل إلى اتفاق جديد آخذة في الانهيار.
وأفادت "سي إن إن" أن هذا التشاؤم خلف الكواليس يتناقض تمامًا مع التصريحات العلنية المتفائلة التي أدلى بها دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة، الذي قال الأسبوع الماضي إن إدارته "باتت قريبة جدًا من إيجاد حل".
ووفقًا لتقرير القناة، فإن أميركا غيّرت موقفها في العرض الجديد بشأن تخصيب اليورانيوم، حيث تقترح إمكانية الاستثمار في البرنامج النووي السلمي الإيراني، والمشاركة في كونسورتيوم دولي يضطلع بمهمة الإشراف على تخصيب اليورانيوم المنخفض التخصيب داخل الأراضي الإيرانية.
ويشمل هذا الكونسورتيوم المحتمل دولًا من الشرق الأوسط إضافة إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وأكد تقرير "سي إن إن" أن مسؤولين أميركيين بارزين كانوا قد شددوا في وقت سابق على أن الولايات المتحدة لن تسمح بأي نوع من التخصيب داخل إيران، وطالبوا بأن يكون استيراد اليورانيوم المخصب هو الخيار الوحيد المتاح لطهران، وهو ما رفضته إيران بشكل قاطع.
وأضاف التقرير أن السماح بالتخصيب المنخفض داخل إيران، والذي يُذكر باتفاق 2015 المعروف باسم "الاتفاق النووي"، الذي انسحب منه ترامب لاحقًا، من المرجح أن يواجه معارضة شديدة من إسرائيل والجمهوريين في الولايات المتحدة.
وقد صرح مسؤولون في إيران أنهم لا يعارضون مبدأ الكونسورتيوم للإشرا
ف على التخصيب، لكن إيران يجب أن تحتفظ بالسيطرة الكاملة على قدراتها التخصيبية.
المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة اختُتمت في 24 مايو (أيار) بعد عقد الجولة الخامسة من المحادثات في روما.
وبعد ذلك، قال مسؤول رفيع في الحكومة الأميركية إن الطرفين اتفقا على عقد لقاء آخر قريبًا. إلا أن "سي إن إن"، نقلًا عن مصادر مطلعة، أفادت بأن انعقاد الجولة التالية من المحادثات بات محل شك كبير، وربما لا يُعقد إطلاقًا.
"رويترز": طهران تحضّر ردها السلبي
كذلك، أفادت وكالة "رويترز" يوم الاثنين 2 يونيو، نقلًا عن دبلوماسي رفيع في إيران، بأن طهران على وشك رفض عرض أميركي جديد لحل النزاع النووي المستمر منذ عقود.
وقال هذا الدبلوماسي، الذي لم يُكشف عن اسمه، إن الخطة الأميركية "غير بديهية" ولا تأخذ في الحسبان مصالح إيران، ولا تُظهر أي مرونة في موقف واشنطن إزاء موضوع تخصيب اليورانيوم داخل إيران.
وأضاف الدبلوماسي، الذي قالت "رويترز" إنه قريب من الفريق المفاوض الإيراني: "طهران تجهز ردًا سلبيًا على العرض الأميركي؛ ردًا قد يُفسّر على أنه رفض رسمي لهذا العرض".
وأكد أن تقييم لجنة المفاوضات النووية، التي تعمل تحت إشراف المرشد علي خامنئي، هو أن "الاقتراح الأميركي أحادي الجانب تمامًا ولا يضمن مصالح طهران".
وتابع: "ترى طهران أن هذا العرض مجرد محاولة لفرض اتفاق سيئ على إيران من خلال مطالب متطرفة".
وقال: "في هذا العرض، لم يتغير موقف أميركا من تخصيب اليورانيوم داخل إيران، كما لم يُقدَّم أي توضيح بشأن رفع العقوبات".
وقد قُدّم العرض الأميركي الجديد بشأن الاتفاق النووي يوم السبت 31 مايو (أيار) من قبل بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، الذي يتولى الوساطة بين طهران وواشنطن، خلال زيارة قصيرة إلى طهران حيث سلمه إلى المسؤولين الإيرانيين.
وكان عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، قد صرّح سابقًا بأن الرد الرسمي للحكومة الإيرانية على العرض الأميركي سيُقدَّم قريبًا.