رغم مرور 10 سنوات على الحكم ببراءتهم.. إعادة محاكمة 26 مواطنًا بهائيًا في إيران

حصلت "إيران إنترناشيونال" على معلومات أفادت بأنه من المقرر أن يُحاكم 26 مواطنًا بهائيًا في "شيراز" مجددًا، يوم 30 يونيو (حزيران) المقبل، في قضية كانت قد فُتحت ضدهم قبل نحو عقد من الزمان، وحصلوا فيها على حكم نهائي بالبراءة.

يأتي ذلك بعد اعتراض وشكوى رئيس قضاء محافظة فارس السابق، وقبول المحكمة العليا الإيرانية لهذه الشكوى.

وأكدت المعلومات، التي وصلت إلى "إيران إنترناشيونال"، يوم السبت 31 مايو (أيار)، أن عددًا من هؤلاء المواطنين البهائيين تلقوا في الأيام الأخيرة بلاغات منفصلة للمثول أمام الدائرة الثانية لمحكمة الاستئناف بمحافظة فارس.

وقال مصدر مطلع على تفاصيل هذه القضية، في مقابلة مع "إيران إنترناشيونال": "رغم مرور ما يقرب من عشر سنوات على هذه القضية، وصدور حكم نهائي بالبراءة لصالح جميع المتهمين، تمت إعادة الملف إلى المحكمة لإصدار حكم جديد".

وأضاف هذا المصدر: "بعد صدور الحكم النهائي بالبراءة في مرحلة الاستئناف، قال رئيس الفرع الأول لمحكمة الثورة في شيراز، سيد محمود ساداتی، ما معناه: كيف يمكن لقضاة طهران أن يصدروا حكمًا مخالفًا لما أصدرته؟، ثم أوصى رئيس قضاء محافظة فارس حينها، سيد كاظم موسوي، بتقديم اعتراض".

وتابع: "في النهاية، قدم موسوي شكوى في القضية، وبعد عرضها على الفرع الأول من المحكمة العليا، تم قبول الشكوى وأُعيد فتح القضية مجددًا".

والمتهمون الستة والعشرون في هذه القضية، هم: إسماعيل روستا، بهاره نوروزي، بهنام عزيز بور، بريسا روحي‌ زادكان، ثمرة آشنائي، رامين شيرواني، رضوان يزداني، سروش إيقاني‌ صغادي، سعيد حسني، شميم أخلاقي، شادي صادق ‌اقدام، صهبا فرحبخش، صهبا مصلحي، عهديه عنايتي، فربد شادمان، فرزاد شادمان، لالا صالحي، مرجان غلام ‌بور، مريم إسلامي مهدي ‌آبادي، مجكان غلام‌ بور سعدي، مهیار سفيدي مياندو آب، نبیل تهذيب، نسيم كاشاني ‌نجاد، نوشين زنهاري، ورقاء كاوياني ويكتا فهندج سعدي.

وأشارت معلومات "إيران إنترناشيونال" إلى أن هؤلاء المواطنين البهائيين ومحاميهم، وبعد صدور حكم البراءة في السنوات الماضية، حاولوا مرارًا استرجاع وثائق الملكية، التي كانت قد أُخذت منهم كضمان، وكذلك لرفع حظر السفر المفروض عليهم، لكنهم كانوا يتلقون ردًا سلبيًا في كل مرة، وكانت الإجابة الدائمة أن "الملف قد فُقد".

وفي نهاية المطاف، تبين أن رئيس قضاء محافظة فارس السابق، وبعد صدور حكم البراءة، قدّم في 17 مايو الجاري شكوى إلى المحكمة العليا استنادًا إلى المادة 477 من قانون الإجراءات الجنائية الإيراني، وعلى أساس هذه الشكوى تقررت محاكمتهم مجددًا.

وتنص المادة 477 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه "يحق لرئيس السلطة القضائية أن يطلب من المحكمة العليا إعادة النظر في الأحكام النهائية الصادرة من المحاكم أو تلك القابلة للاستئناف، إذا كانت مخالفة للشرع".

الاعتقال والمحاكمة الأولى

اُعتقل معظم هؤلاء المواطنين البهائيين في عام 2016، على يد عناصر وزارة الاستخبارات في "شيراز"، وأُطلق سراحهم لاحقًا بشكل مؤقت بكفالة حتى انتهاء مراحل المحاكمة.

وخلال الفترة من 15 يونيو (حزيران) 2020 و18 مايو 2022، وضمن ثلاث جلسات، تمت محاكمتهم أمام الفرع الأول لمحكمة الثورة في "شيراز"، برئاسة القاضي محمود ساداتی، بتهمة "الاجتماع والتآمر لارتكاب جريمة ضد الأمن الداخلي والخارجي للبلاد".

واستندت المحكمة إلى مشاركتهم في أنشطة داخل أحياء فقيرة ومهمّشة في شيراز، وتجمعهم في أماكن دينية وسياحية مثل شاه ‌جراغ، وحافظية، وتخت ‌جمشيد، ونارنجيستان، بهدف مناقشة أزمة المياه والمشكلات الاجتماعية والدفاع عن البيئة، وكذلك إلى عضويتهم في الديانة البهائية، كأمثلة على التهم الموجهة إليهم.

وفي 29 مايو 2022، صدر حكم بحق هؤلاء الستة والعشرين شخصًا بالسجن لمدة 85 عامًا إجمالاً، والنفي لمدة 24 عامًا، وحظر السفر خارج البلاد لمدة 52 عامًا، كما طُلب منهم أن يقدموا أنفسهم يوميًا لمدة عامين إلى دائرة الاستخبارات في المحافظة.

الاعتراض والحكم النهائي بالبراءة

بعد الاعتراض على الحكم، أُحيلت القضية إلى محكمة الاستئناف بمحافظة فارس، التي أيدت الحكم.

وبعد اعتراض جديد من المتهمين ومحاميهم، أُرسلت القضية إلى المحكمة العليا الإيرانية، التي اعتبرت أن العضوية في الديانة البهائية وحدها لا تشكل دليلاً على تهمة الاجتماع والتآمر ضد أمن الدولة الداخلي والخارجي. وقبلت المحكمة طلب إعادة المحاكمة، وأحالت القضية إلى فرع مماثل في محكمة الاستئناف.
وفي 11 يناير (كانون الثاني) 2023، أعلن المستشاران إحسان رحيمي ورضا رحيميان، من الفرع الأول لمحكمة الاستئناف في محافظة فارس، بعد مراجعة القضية، أنه لا يوجد دليل على ارتكاب المتهمين أي تآمر أو اجتماع ضد أمن الدولة، وأن "ممارستهم شعائر الديانة البهائية كانت داخل تجمعاتهم الخاصة فقط"، ومن ثمّ برأتهم المحكمة من جميع التهم الموجهة إليهم، واعتُبر الحكم نهائيًا.

وجاء في جزء آخر من الحكم: "رغم أن الديانة البهائية وتنظيمها غير قانونيين في إيران، فإن مجرد الإيمان بها لم يُجرّم قانونيًا، كما أن التواصل والتعامل بين هؤلاء الأفراد- الذين تربط بعضهم صلات قرابة- لا يُعد من الأعمال المناهضة لأمن البلاد".

موجة جديدة من القمع

وجاءت إعادة تحريك هذه القضية وتحديد موعد جديد لمحاكمة هؤلاء البهائيين جماعيًا، تزامنًا مع تقارير عن انتهاكات جديدة بحقهم من قِبل الأجهزة الأمنية والقضائية في إيران، مما يشير إلى موجة جديدة من الضغط والقمع على المواطنين البهائيين في إيران.

ويُعد البهائيون أكبر أقلية دينية غير مسلمة في إيران، وقد تعرضوا منذ ثورة عام 1979 إلى الاضطهاد المنهجي.

وتوثّقت على مر العقود تقارير عديدة عن الإعدام والتعذيب والاعتقال، ومصادرة الممتلكات، وحرمانهم من التعليم الجامعي. وقد تصاعدت هذه الضغوط خلال العام الماضي.

وتشير مصادر غير رسمية إلى أن هناك أكثر من 300 ألف بهائي يعيشون في إيران، بينما لا يعترف الدستور الإيراني إلا بأربع ديانات: الإسلام، والمسيحية، واليهودية، والزرادشتية.