صحف إيران: ترامب سبب الاضطرابات.. والمفاوضات مع أوروبا.. وتجار العقوبات

سيطرت جولة الرئيس الأميركي بالدول الخليجية، واستضافة إسطنبول جولة جديدة من المفاوضات النووية بين إيران ودول الترويكا الأوربية، وإنشاء اتحاد نووي بين طهران وبعض دول المنطقة، على الصحف الإيرانية الصادرة اليوم السبت 17 مايو (أيار).
ولا تزال تداعيات زيارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى الشرق الأوسط محل اهتمام الصحف الإيرانية؛ حيث حددت صحيفة "خراسان" الأصولية ثلاثة عوامل للوصول إلى اتفاق يعيد الاستقرار النسبي إلى المنطقة الخليجية، أولاً: ضمانات عملية وجدول زمني لرفع العقوبات، ثانيًا: آلية رقابة وشفافية في إنتاج وتخزين اليورانيوم، وثالثًا: دور الوساطات الإقليمية في تقليل عدم الثقة التاريخي بين الطرفين.
وخاطب رئيس تحرير صحيفة "جوان"، المقربة من الحرس الثوري الإيراني، غلام رضا صادقيان، الرئيس ترامب ببيت للشاعر بيدل دهلوي، الذي يقول فيه: "العالم ليس مكانًا لتجارب الإجرام.. فلا تحرّك القلم في الامتحان إلا حيث يجب".
وخلصت صحيفة "جمهوري إسلامي" إلى أن أفضل خدمة يمكن أن يقدمها الرئيس الأميركي هي أن لا يتدخل في شؤون المنطقة، لأنه هو السبب الرئيس في اضطراب منطقة الشرق الأوسط.
كما تناولت الصحف الإيرانية موضوع استضافة إسطنبول للمفاوضات الإيرانية مع دول "الترويكا" الأوربية، ووصفت صحيفة "شرق" الإصلاحية، اللقاء الجديد بـ"الخطوة الإيجابية والمهمة على طريق إحياء الحوار الدبلوماسي"، ويعكس عزم طهران على مواصلة مسار الدبلوماسية في ظل الظروف الإقليمية والدولية المليئة بالتوتر.
وذكرت صحيفة "روزكار" الإصلاحية، أن أوروبا تسعى إلى تثبيت مكانتها، وأن تركيا باستضافة اللقاء قد رسمت مشهدًا يمكن أن يغيّر معادلات القوة. وكتبت صحيفة "شرق" الإصلاحية، إيران وأوروبا على مسار الحوار.
كما اهتمت الصحف الإيرانية بزيارة رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، إلى إندونيسيا، والتأكيد على أهمية إحياء الوحدة الإسلامية ومكافحة الظلم.
وعلى صعيد آخر، أكدت صحيفة "هم ميهن" الإصلاحية، أن 38 في المائة من أطفال إيران تحت خط الفقر؛ حيث يعيش نحو 23 مليون شخص في مناطق يمكن وصفها بـ"فخاخ الفقر المكاني الحضري".
وحذرت صحيفة "ثروت" الإصلاحية من انخفاض إنتاج الحديد والصناعات المرتبطة به، خلال الأشهر القليلة المقبلة، مع استمرار أزمة الطاقة.
والآن يمكننا قراءة المزيد من التفاصيل في الصحف التالية:
"آرمان ملى": لا بديل عن التفاوض
أجرت صحيفة "آرمان ملى" الإصلاحية، حوارًا مع رجل الدين الإيراني، آية الله محسن غرويان، دعا فيه مسؤولي النظام، إلى إبداء ردود فعل حكيمة تستند إلى المصالح الوطنية.
وقال غرويان: "إن المفاوضات هي في الأساس أمر ضروري ولا يمكن إنكاره، خاصة في فترة تواجه فيها البلاد مشاكل اقتصادية وضغوطًا خارجية".
وأكد ان أي خيار آخر غير المفاوضات لن يكون سلميًا. عندما يُفتح باب الحوار، لن يكون هناك مجال للحديث عن مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة. جوهر الموضوع هو أنه يجب حل القضايا، حتى لو تطلب الأمر اجتماعًا مباشرًا بين الرؤساء، فلا ينبغي التردد في ذلك؛ فالمسألة الأساسية هي الحفاظ على المصالح الوطنية.
وأضاف: "لم تتغير نظرة المتشددين لقضايا البلاد، تلك النظرة القائمة على الصراع ونبذ العقلانية التفاعلية. هذه النظرة نابعة من نوع من الجهل السياسي الذي كان دائمًا عائقًا أمام التنمية والتواصل. هؤلاء لا يفهمون ظروف البلاد. دول المنطقة العربية تستغل الفرصة، وتبرم عقودًا بمليارات الدولارات مع أميركا، وإذا تأخرت إيران في هذا المسار، فسوف تتخلف ليس اقتصاديًا فحسب، بل سيؤدي ذلك أيضًا إلى إضعاف مكانة إيران السياسية في المنطقة والعالم".
وختم غرويان حديثه بالقول: "يجب على الأصوليين، إذا كانوا يهتمون حقًا بالنظام والشعب، دعم النتائج الإيجابية للمفاوضات، بغض النظر عن هوية الرئيس. إن الشعب الإيراني متعب من العقوبات والضغوط الاقتصادية والعزلة الدولية. يجب دعم أي خطوة تهدف إلى تخفيف هذه الضغوط".
"اعتماد": البرنامج النووي الإيراني انحرف عن مساره الأساسي وأصبح وسيلة للابتزاز
كتب الدبلوماسي السابق، نصرت الله تاجيك، مقالاً بصحيفة "اعتماد" الإصلاحية، ذكر فيه أن: "البرنامج النووي الإيراني انحرف- لأسباب وأهداف سياسية- عن مساره الأساسي وتحول إلى وسيلة للابتزاز، وإضعاف الحكومة وإحراق أدوات قوتها وتقليص مكانتها الجيوسياسية".
وأضاف تاجيك: "هناك أفكار كثيرة لإعادة البرنامج إلى مساره، لكننا نواجه جمودا في الأفكار؛ نتيجة غياب الأهداف الواضحة من البرنامج".
وأشار إلى أن هناك أفكارًا مختلفة حول تقليل مستوى التخصيب، أو إيقافه، ويمكن تقييم فكرة الكونسورتيوم (الشراكة الإقليمية) في هذا الإطار أيضًا، لكن مع فارق أن بعض المقترحات تأتي من مؤسسات فنية أو علمية، بينما مثل هذه الأفكار غالبًا ما تكون جذورها في الأوساط السياسية، وتُطرح كحل للخروج من المأزق التفاوضي، لذلك غالبًا ما يكتنف الغموض مصير مثل هذه الأفكار وجدواها العلمية.
وأضاف: "حتى لو افترضنا جدية فكرة إنشاء كونسورتيوم نووي بين إيران وبعض دول المنطقة، فلا تزال هناك عقبات هيكلية وأمنية متعددة. فالكونسورتيوم بطبيعته يحتاج إلى تماسك وتنسيق وثقة متبادلة، وهي أمور يصعب الحديث عن تحقيقها في الوضع الحالي لمنطقة الخليج.. وهناك سمتان أساسيتان ومليئتان بالتحديات لأي شراكة نووية، وهما مسألة أمن العملية وحماية المعلومات والمنشآت، وآلية التحقق والرقابة الدولية. وبالإضافة إلى هذه التعقيدات، لا تزال المنطقة تعاني ضعف العلاقات بين دولها".
وقال: "إن هناك مشكلة أخرى أساسية، هي عدم وجود بنية تحتية علمية وروابط أكاديمية بين دول المنطقة، ولا يجب أن ننسى غموض وارتباك السياسة الخارجية الأميركية، خاصة في عهد ترامب، والانتقائية في التعامل مع الملف النووي الإيراني. وعليه، رغم أن فكرة الكونسورتيوم قد تبدو جذابة ومبتكرة ظاهريًا، فإنه في غياب المتطلبات الأساسية، لن تكون قابلة للتنفيذ فحسب، بل قد تعمق الانقسامات السياسية والأمنية القائمة".
"جهان صنعت": الشعب ضحية تجار العقوبات
قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، حشمت الله فتحی بیشه، في حوار مع صحيفة "جهان صنعت" الإصلاحية: "إن الإيرانيين تعرضوا لخسائر كبيرة، خلال فترة الرئيس الأسبق حسن روحاني، وأبسط حقوقهم تشكيل محكمة لمحاسبة الذين كانوا يتاجرون بالعقوبات".
وأضاف فتحي بيشه: "بغض النظر عن معاناة الشعب الإيراني، الذي دفع ثمنًا باهظًا ليدرك الآثار السلبية للتطرف في الظاهر، واستغلال العقوبات المستتر في الإخفاقات الدبلوماسية. ونتيجة لذلك كان على إيران أن تدفع ثمنًا باهظًا لتدرك حقيقة: أن هذه التيارات السياسية المتطرفة دمرت المصالح الوطنية للبلاد لأهداف خاصة".
كما ذكر أنه يتعين على النظام السياسي الإيراني، إذا كان يسعى بالفعل إلى خلق دعم شعبي لسياسة البلاد الخارجية، أن يقصي المتطرفين عن دائرة صنع القرار في السياسة الخارجية والداخلية، كما يجب التدقيق في حجم ثروات هؤلاء، الذين راكموا ثرواتهم في ظل هذه الضغوط والظروف الصعبة. وللأسف فإن جزءًا كبيرًا من هذه الثروات الطائلة هو نتاج نهب المال العام.
وصل الأمر إلى حد أن البلاد تواجه اليوم اختلالات كبيرة ومشكلات أساسية حادة في جميع المجالات تقريبًا".