"رويترز": إيران ستسلّم قاذفات صواريخ قصيرة المدى إلى روسيا.. قريبًا

أفادت وكالة "رويترز"، نقلاً عن مسؤولين أمنيين غربيين ومسؤول إقليمي، لم تذكر أسماءهم، بأن إيران تستعد لإرسال قاذفات صواريخ قصيرة المدى إلى روسيا. وبحسب هذا التقرير، فإنه يُتوقّع تصاعد الهجمات الروسية على الأراضي الأوكرانية.

وتُستخدم هذه القاذفات لإطلاق صواريخ قصيرة المدى، كانت إيران قد أرسلتها إلى روسيا، بحسب ما أعلنت الولايات المتحدة، في العام الماضي لاستخدامها في الحرب على أوكرانيا.

ووفقًا لما نشرته "رويترز"، يقول محللون إن صواريخ "فتح 360"، التي يصل مداها إلى 120 كيلو مترًا، تُعدّ سلاحًا جديدًا بيد القوات الروسية يمكِّنها من استهداف القوات الأوكرانية على خطوط الجبهة، وكذلك الأهداف العسكرية والمدنية القريبة من الحدود الروسية.

وإذا ما تم إرسال هذه القاذفات مجددًا، فسيكون ذلك بمثابة تأكيد على توسيع العلاقات الأمنية بين موسكو وطهران.

وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت، في خريف العام الماضي، أن إيران نقلت هذه الصواريخ إلى روسيا عبر تسع سفن. وكانت تلك السفن ترفع العلم الروسي، وقد فُرضت عليها عقوبات لاحقًا. وفي ذلك الوقت، أفادت ثلاثة مصادر لـ "رويترز" بأن تلك الشحنة لم تكن تحتوي على قاذفات.

وقال المسؤولون الأمنيون الغربيون والمسؤول الإقليمي، الذين طلبوا عدم كشف هويتهم نظرًا لحساسية الموضوع، إن إرسال قاذفات "فتح 360" سيتم قريبًا، دون تقديم مزيد من التفاصيل حول هذا النقل المحتمل، كما لم يوضحوا سبب عدم إرسال القاذفات مع الصواريخ في وقت سابق.

ويُذكر أن "فتح 360" أو صاروخ "فتح" هو نوع من الصواريخ الباليستية قصيرة المدى، صُمم للاستخدام في العمليات التكتيكية وبدقة عالية في مسافات تقل عن 200 كيلو متر. وقد كشفت إيران عن هذا الصاروخ في أغسطس (آب) 2020، وادّعت أنه مزوّد بالذكاء الاصطناعي.

ولم ترد وزارة الدفاع الروسية وممثلية إيران في الأمم المتحدة، على طلب "رويترز" للتعليق بشأن هذه المسألة.

وقد أحال مجلس الأمن القومي الأميركي التحقيق في هذه المسألة إلى وزارة الخارجية، التي امتنعت، بجانب وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) أيضًا، عن التعليق.

لماذا يُعد إرسال السلاح من إيران إلى روسيا أمرًا مهمًا للغرب؟

لا تتطلب صواريخ "فتح" قصيرة المدى تجهيزات كبيرة للإطلاق، كما أن مدة طيرانها قصيرة جدًا، ويمكن لأشخاص تلقوا تدريبًا محدودًا نسبيًا أن يقوموا بتوجيهها وإطلاقها.

ويقول محللون إن روسيا باستخدام صواريخ "فتح" يمكنها تنفيذ هجمات أسرع بكثير، بينما تحتفظ بصواريخها المتطورة للهجمات بعيدة المدى، مما يعزز الضغط على البنية التحتية الحيوية لأوكرانيا، بما في ذلك شبكة الكهرباء، ويُنهك في الوقت ذاته منظومة الدفاع الصاروخي الأوكرانية الثمينة.

وأجاب الباحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، فابيان هاينز، عن سؤال "رويترز" حول سبب شراء روسيا صواريخ إيرانية رديئة الجودة، قائلاً: "السبب الوحيد الذي يتبادر إلى ذهني هو أن الروس لا يستطيعون إنتاج عدد كافٍ من الصواريخ. ولهذا السبب، على الرغم من أن الصواريخ الإيرانية ليست دقيقة جدًا ولا تحمل حمولة كبيرة، فإنها يمكن أن تُسبب مزيدًا من المتاعب لأوكرانيا".

إرسال السلاح إلى روسيا والتفاوض مع أميركا

ووفقًا لـ "رويترز"، فإن استخدام روسيا لهذه الصواريخ يُلقي بظلاله على محاولات الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لفتح نافذة جديدة نحو وقف إطلاق النار بين أوكرانيا وروسيا، وكذلك على مفاوضاته مع إيران للتوصل إلى اتفاق بشأن كبح البرنامج النووي الإيراني، وقد يُعقّد هذه المفاوضات.

وقالت مصادر "رويترز" إن المفاوضات النووية غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران، التي تتم بوساطة سلطنة عُمان، تُعد من بين "عدة أسباب" لتأخر تسليم القاذفات.

وأضاف الباحث البارز في معهد "الخدمات الملكية المتحدة" في بريطانيا، جاك واتلينغ، أن المسؤولين في إيران يعتبرون إرسال السلاح إلى روسيا أمرًا منفصلاً عن المفاوضات النووية الجارية، ويعتقدون أن ما قد يتم مع الروس ليس مرتبطًا بهذه المفاوضات.

طهران لم تُقر بعد بالتعاون العسكري مع روسيا

كان الحديث عن إرسال السلاح من إيران إلى روسيا لدعمها في حربها مع أوكرانيا قد بدأ منذ الأشهر الأولى للحرب، وتزايد في بداية سبتمبر (أيلول) 2024 مع تقارير عن تسليم شحنة بها ما لا يقل عن 200 صاروخ باليستي قصير المدى.

وفي ذلك الوقت، نُقل عن مسؤول أوروبي رفيع المستوى أن إرسال هذه الشحنة "ليس نهاية المطاف"، وأن الحكومة الإيرانية ستواصل تصدير السلاح إلى روسيا.

وكانت تقارير سابقة قد تحدّثت أيضًا عن إرسال طائرات مُسيّرة انتحارية من طراز "شاهد 131" و"شاهد 136" من إيران إلى روسيا.

أما الموقف الرسمي للمسؤولين في إيران، فكان نفي أي إرسال لمعدات عسكرية إلى روسيا.

وفي 16 سبتمبر، وفي أول مؤتمر صحافي له بعد انتخابه رئيسًا جديدًا لإيران، شدد مسعود بزشکیان على استمرار "الصداقة والتعاون" مع روسيا، وقال بشأن إرسال صواريخ إلى هذا البلد: "أقول بكل حزم إنه منذ تولينا المنصب لم نقدّم لهم شيئًا. قد يكونوا تلقوا شيئًا في السابق (في عهد حكومة إبراهيم رئيسي)؛ لأنه لم يكن هناك ما يمنع ذلك".

وفي الفترة ذاتها، أقر عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، أحمد بخشايش أردستاني، بإرسال صواريخ إيرانية الصنع إلى روسيا، وقال في مقابلة مع موقع "دیده‌ بان إیران" الإخباري: "علينا أن نُجري عمليات مقايضة من أجل تلبية احتياجاتنا، بما في ذلك استيراد الصويا والقمح، جزء من المقايضة يتضمن إرسال صواريخ، والجزء الآخر يتضمن إرسال طائرات مُسيّرة عسكرية إلى روسيا".

وقد أدت شحنة الأسلحة المذكورة إلى فرض عقوبات جديدة على إيران، والتي تركزت هذه المرة على قطاع الطيران الإيراني، بما في ذلك شركة الطيران الوطنية "إيران إير".