الاتفاق مع واشنطن "ينقذ" أطفال إيران.. وارتفاع أسعار الأدوية.. و"تلاشي" الطبقة المتوسطة
اهتمت الصحف الإيرانية اليوم بالمفاوضات المتعثرة جزئيا بين طهران وواشنطن، وأثر ما يشبه الاتفاق بين أميركا والحوثيين في اليمن على هذه المفاوضات، حتى إن صحيفة "مهد تمدن" تحدثت عن أثر الصراع على الأطفال، وطالبت بعقد اتفاق "من أجل مستقبل أطفال إيران".
من جهة أخرى، ما زالت قضية تدهور الأوضاع الاقتصادية، تفرض نفسها على المشهد الصحافي الإيراني؛ حيث تهتم معظم الصحف على اختلاف توجهاتها برصد تداعيات السياسات الاقتصادية على حياة المواطن، وغلاء الأسعار، وما يترتب على شيوع الفقر من أضرار اجتماعية.
واستعرضت صحيفة "أبرار اقتصادي" الأصولية، تداعيات السياسة الخاطئة للحكومة وصناديق التقاعد على اختفاء الطبقة المتوسطة؛ حيث سقط العديد من الموظفين والخبراء والمتخصصين القدامى والمتعلمين، تحت خط الفقر.
وعلى صعيد متصل نقلت صحيفة "مواجهه اقتصادي" الأصولية، عن المدرس الجامعي سابقًا والناشط النقابي عن المتقاعدين بجامعة العلوم الطبية، عبد الرضا جها نمردي، قوله: "تسببت الإدارة الخاطئة لصناديق التقاعد، وخاصة الصندوق الوطني، في مشكلات جوهرية على حياة ومستقبل المتقاعدين".
ووفق صحيفة "شرق" الإصلاحية، فقد تسببت سياسات وقرارات الحكومات الإيرانية المتعاقبة، في تدهور معيشة الأسر واقتصادها، وإضعاف القاعدة الاقتصادية للمؤسسات التجارية.
وأكدت صحيفة "كار وكاركر" الناطقة باسم حزب العمال الإيراني اليساري، ارتفاع متوسط تكلفة سلة الحد الأدنى للمعيشة لكل فرد إيراني من (600) ألف تومان في شتاء 2022م، إلى مليونين و(800) ألف تومان في شتاء العام 2024م.
وأكد محمد رضا غفر الهي، نائب رئيس لجنة تسهيل وتنمية التجارة في غرفة تجارة طهران، في حوار مع صحيفة "توسعه ايراني" الإصلاحية، أن تدخل الحكومات الإيرانية "غير المبرر" في الاقتصاد، سواء في سعر الصرف أو في الحظر أو في التعريفات الجمركية؛ يؤدي إلى الفوضى والاضطراب. وأن السياسات الرقابية لا تخلق سوى بيئة خصبة للفساد.
بدورها انتقدت صحيفة "جوان" الأصولية، دخول مركز أبحاث البرلمان في مجال إصدار الإحصاءات الاقتصادية الكلية، وخاصة الإعلان عن معدل النمو الاقتصادي، وتداعيات ذلك على اختلال النظام الإحصائي، وتراجع الثقة العامة.
في سياق متصل، كشفت صحيفة "دنياي اقتصاد" الإصلاحية، عن ارتفاع أعداد المتسربين من التعليم في العام الدراسي الماضي، والذي بلغ نحو مليون طفل، وذلك نتيجة الفقر ويأس المراهقين من الحصول على وظيفة ذات دخل كافٍ في المستقبل.
يمكننا الآن مطالعة المزيد من الموضوعات في الصحف التالية:
"جهان صنعت": وفاة المرضى ونقص الأدوية
سلطت صحيفة "جهان صنعت" الإصلاحية، الضوء على معاناة أصحاب الأمراض المزمنة، مع مشكلة نقص الأدوية وارتفاع أسعارها. ورغم أن الدستور يكفل للمواطن حق الرعاية الصحية والتعليم بالمجان، فإن هناك إهمالا كبيرا من الحكومات المتعاقبة والبرلمان والقضاء.
يقول "جواد راستى" باحث أول في الاقتصادي السياسي للتنمية: "قامت الحكومة في إطار سياسة توحيد سعر الصرف، بإلغـاء نظام "نيما" للصرف. ووفقًا لبيانات نظام "كودال" في البورصة، فقد ارتفعت أسعار بعض الأدوية الخاصة بمقدار أربعة أضعاف. ثم اضطرت الحكومة مرة أخرى في أبريل (نيسان) 2024م إلى إلغاء سعر الصرف الدولار الجمركي للأدوية والمستلزمات الطبية، مما يعني ارتفاع أسعار بعض الأدوية الخاصة بأكثر من (11) ضعفًا خلال أربعة أشهر فقط".
وأضاف: "وفق الإحصائيات اليومية، يموت أكثر من (200) شخص بالسرطان، بسبب ترك العلاج، بعبارة أخرى يرحب المرضى بالموت التدريجي المصحوب بالعذاب الشديد، بسبب الفقر. بخلاف معاناة المريض مع رشوة بعض الأطباء. كما لا ينبغي تجاهل اختلاف الأدوية المستوردة عن المحلية من حيث مستوى الجودة والفعالية والآثار الجانبية".
"مهد تمدن": من أجل مستقبل أطفال إيران اعقدوا الاتفاق
ناقش الحقوقي محمد مهدي سيدنا صري، عبر صحيفة "مهد تمدن"، تأثير المفاوضات الإيرانية- الأميركية الأخيرة على منظومة حقوق الطفل في إيران، وقال: "ينشأ حاليًا في إيران جيل من الأطفال يحمل على أكتافه النحيلة أثقلَ آلام المجتمع غير المُعلنة؛ حيث يعيشون تحت الحصار والتضخم، وتدهور جودة التعليم، والفوارق المتزايدة، وهواجس الأسرة. وهم غير محرومين فقط من فرص النمو الطبيعي والازدهار، وإنما هم أيضَا ضحية قرارات لم يكن لهم فيها دور".
وأضاف: "أي اتفاقية لا تستطيع إنقاذ الأطفال من الفقر، والظلم التعليمي، وقلق الأمن، وانهيار الأسر النفسي، لا تستحق ادعاء النصر. والأجيال الحالية تتطلع إلى مستقبل يكون فيه "الأمن" ليس مجرد حدود مغلقة، بل يعني طمأنينة نفسية، وفرصًا متساوية، وأملًا في غد أفضل".
واختتم حديثه بالقول: "حان الوقت للوصول إلى اتفاق إنساني، حكيم، ذكي وشجاع من أجل غد أطفال إيران الأعزاء. ليس من أجل السلطة، بل من أجل الحياة! ليس من أجل انتصار سياسي، بل لإنقاذ جيل لم يحظَ بعد بحق الاختيار، لكن له حق العيش".
"تجارت": مافيا الثروة تحتكر الاقتصاد الإيراني
وصف الخبير الاقتصادي حسين راغفر اقتصاد إيران بـ"غير الطبيعي"، لأنه نتاج هيمنة مؤسسات احتكارية على الاقتصاد الوطني.
وقال راغفر، حسبما ذكرت صحيفة "تجارت" المحسوبة على التيار الأصولي: "لقد اكتسبت هذه المؤسسات نفوذًا هائلاً في الاقتصاد الإيراني. هذا الوضع نتاج تحول أقلية نافذة ومستفيدة إلى قوة قادرة بسهولة على مد الأنابيب من المصافي إلى وسط البحر وتهريب الطاقة التي يحتاجها البلد دون أن يحاسبها أحد، لأن الحكومة والبرلمان وحتى القضاء لا يستطيعون مواجهة هذه الشبكات".
وأضاف: "تكمن مصالح هذه الشبكات في ارتفاع الأسعار والتضخم المرتفع، وهى تفرض على البلد ككل ارتفاع سعر الصرف وما يتبعه من تضخم. ومن الخطأ الفادح الاعتقاد بأن هذه المشكلة ناتجة فقط عن الضغوط الخارجية؛ وأن المفاوضات وحدها يمكن أن تحل مشكلاتنا الاقتصادية وتسيطر على القفزات السعرية. والحكومة ضعيفة لدرجة أنها لا تملك لا وسيلة للخروج من هذا الوضع ولا القدرة على تشكيل مسار إصلاحي، ويبدو أن وظيفتها الوحيدة هي الحفاظ على هذا الوضع الحالي المأساوي والمقلق. وهكذا، أصبح الجهاز التنفيذي نفسه داعمًا لإضعاف قيمة العملة الوطنية وما يتبعه من ارتفاع معدل التضخم".