ارتفاعات حادة في سوق السيارات بإيران ونصائح بتجنب الشراء

بعد يومين من الإعلان الرسمي عن زيادة أسعار سيارات شركتي "إيران خودرو"، و"سايبا"، أفادت التقارير بزيادة أسعار السيارات بمقدار يتراوح بين 50 إلى 200 مليون تومان في السوق الإيرانية الحرة.

بعد يومين من الإعلان الرسمي عن زيادة أسعار سيارات شركتي "إيران خودرو"، و"سايبا"، أفادت التقارير بزيادة أسعار السيارات بمقدار يتراوح بين 50 إلى 200 مليون تومان في السوق الإيرانية الحرة.
وقال أحد نشطاء سوق السيارات إن هذه الزيادة في الأسعار ستؤثر تدريجيًا على خدمات السيارات وقطع غيارها أيضًا.
وقد صرح سعيد موتمني، رئيس الاتحاد السابق للمعارض وبائعي السيارات في طهران، بأن زيادة أسعار السيارات في السوق جاءت بعد الإعلان عن الأسعار الجديدة لشركتي "إيران خودرو"، و"سايبا".
وأضاف: "زيادة أسعار منتجات هذين المصنعين أثرت سلبًا على سوق السيارات في إيران، مما أدى إلى زيادة أسعار جميع أنواع السيارات المحلية والمجمعة والمستوردة".
وتراوحت الزيادة في أسعار السيارات المحلية والمجمعة ما بين 50 إلى 100 مليون تومان، بينما ارتفعت أسعار السيارات المستوردة بحوالي 200 مليون تومان.
على سبيل المثال، ارتفع سعر سيارة "دنا" من منتجات "إيران خودرو"، والتي كانت تباع قبل أيام قليلة بمبلغ مليار تومان، إلى مليار و110 ملايين تومان اليوم الخميس 21 نوفمبر (تشرين الثاني). كما ارتفع سعر "كويك" من منتجات "سايبا" من 420 مليون تومان إلى 470 مليون تومان.
وأشار موتمني إلى أن زيادة الأسعار ستؤدي إلى زيادة التضخم في القطاعات المرتبطة بالسيارات، وأن تأثيرها لن يقتصر على سوق بيع وشراء السيارات فقط، بل سيمتد إلى خدمات السيارات وقطع غيارها.
ونصح رئيس الاتحاد السابق للمعارض بأن "يتجنب المشترون إجراء الصفقات حتى يتم تحديد سياسة العرض من قبل شركات تصنيع السيارات".
في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، تم الإعلان عن زيادة أسعار منتجات "إيران خودرو" و"سايبا" بنسبة تراوحت بين 23 و33 في المائة. وقد تمت إضافة حوالي 12 في المائة تحت تسميات مثل ضريبة القيمة المضافة.
وبعد ساعات من هذا الإعلان من قبل الشركتين، شهدت سوق السيارات الإيرانية حالة من الفوضى، وارتفعت أسعار السيارات بشكل كبير في السوق الحرة.
وفي أعقاب هذه الاضطرابات في السوق، أعلنت "سايبا"، في بيان لها، أن "تعديل الأسعار لا يشمل برامج البيع الفوري أو البيع فوق العادة. كما لا يشمل السيارات التجارية، ويتم تحديد أسعارها وفقًا للإرشادات الخاصة بسوق سيارات الركاب التي اعتمدتها لجنة المنافسة".
كما أعلنت "إيران خودرو"، في بيان لها، أن زيادة أسعار منتجاتها جاءت "بعد مرور أكثر من عام على آخر تحديد لأسعار البيع". وأضافت الشركة أن هذه الأسعار الجديدة "تم تحديدها وفقًا لإرشادات تنظيم سوق سيارات الركاب من قبل لجنة المنافسة".
يشار إلى أن عرض السيارات في إيران من قبل المصنعين الرئيسيين والاحتكاريين، "إيران خودرو"، و"سايبا"، محدود للغاية.
هذه المحدودية وفترات الانتظار الطويلة لتسليم المنتجات أدت إلى خلق هوامش ربح جذابة نتيجة لاختلاف الأسعار بين السوق والمصنع.
وعادةً ما يتم تبرير الزيادة الرسمية في أسعار منتجات "إيران خودرو"، و"سايبا" بأنها تهدف إلى القضاء على هوامش الربح هذه وأنشطة السماسرة. لكن التجربة أثبتت أن زيادة الأسعار الرسمية في النهاية لا تؤدي إلى زيادة العرض، بل تؤدي فقط إلى رفع سعر المنتج للمستهلك النهائي.

تواجه إيران سلسلة من الأزمات المرتبطة بنقص الطاقة، والتي تشمل الغاز والكهرباء والبنزين. وهي أزمة تفضل الحكومة تسميتها "عدم التوازن الطاقي".
لكن تغيير اسم هذه الأزمة لا يخفف من عجز الحكومة عن توفير البنزين، ولا من سنوات الإهمال في الاستثمار بقطاع الغاز، ولا من نقص الوقود بمحطات الكهرباء. ومن المتوقع أن يكون خريف وشتاء 2024 في إيران باردًا، ملوثًا، ومظلما.
وفي مساء الثلاثاء 19 نوفمبر (تشرين الثاني)، اعترف محمد جعفر قائن بناه، المساعد التنفيذي للرئيس الإيراني، خلال برنامج إخباري بثته وسائل الإعلام الرسمية، بوجود "عدم توازن" في قطاعات الوقود والغاز والكهرباء.
وقال: "الرئيس يتخذ التدابير اللازمة لحل هذه المشكلات في أقصر وقت ممكن أو في العام المقبل، حتى لا نشهد انقطاعًا للكهرباء يسبب معاناة للمواطنين".
"عدم التوازن" هو مصطلح استخدمته السلطات الإيرانية في السنوات الأخيرة لوصف الأزمة والندرة في قطاع الطاقة.
وتعود جذور أزمة الطاقة في إيران إلى سنوات ماضية، لكنها بدأت بالظهور بشكل ملموس في النصف الثاني من العقد 2010، والآن يعاني المواطنون من كل جوانبها في حياتهم اليومية. لقد أصبحت سلسلة من الأزمات في إيران تؤثر على جميع القطاعات.
أزمة البنزين
منذ فترة حملات الانتخابات الصيفية لعام 2024 وحتى اجتماع تقديم مشروع الميزانية لعام 2025 للبرلمان الإيراني، دأب الرئيس الإيراني، مسعود بزشکیان، على الشكوى من أسعار الطاقة، وبشكل خاص من أسعار البنزين، مؤكدا أنه يتم إنفاق 5 مليارات دولار سنويًا لاستيراد البنزين.
إلا أن وكالة "تسنيم"، التابعة للحرس الثوري، رفضت هذا الادعاء، قائلة إن إيران استوردت بنزينًا بقيمة ملياري دولار فقط في العام الماضي.
من جهة أخرى، قال بزشکیان إن الحكومة تدفع 6500 تومان كدعم لكل لتر من البنزين المحلي.
بعيدًا عن الأرقام الدقيقة، من الواضح أن إيران تخطط لزيادة أسعار الوقود. ولا يرفض المسؤولون الحكوميون الزيادة بشكل قاطع، بل يؤكدون فقط أنه سيتم الإعلان عنها في الوقت المناسب.
وآخر مرة تم فيها تعديل أسعار البنزين في إيران كانت قبل 5 سنوات. ففي نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، قررت الحكومة الإيرانية رفع أسعار الوقود، مما أدى إلى اندلاع أحد أكبر الاحتجاجات في تاريخ إيران.
ومنذ ذلك الحين، تواجه إيران عقوبات اقتصادية شاملة بسبب طموحاتها العسكرية، وتهديداتها لدول المنطقة، وبرنامجها النووي.
وقد أدى هذا إلى أن طهران لم تعد قادرة على بيع نفطها كما كانت في السابق، فضلاً عن أنها لا تستطيع بسهولة تأمين البنزين بسبب العقوبات والقيود المالية.
في الوقت نفسه، قالت السلطات الإيرانية إنها مضطرة لدفع دعم الوقود، لكنها تواجه صعوبة في شراء البنزين بسبب العقوبات.
ومع ذلك، فإن زيادة أسعار البنزين، التي عادة ما تكون مصحوبة بارتفاع أسعار الديزل، سيكون لها تأثير مباشر وفوري على مستويات الأسعار بشكل عام، وستؤدي إلى سلسلة من التغيرات الاقتصادية التي قد تخلق مشكلات كبيرة للحكومة الجديدة برئاسة پزشکیان.
الغاز.. أزمة مستمرة رغم الثروات الطبيعية
تُعتبر إيران من بين الدول المالكة لأكبر احتياطيات الغاز الطبيعي في العالم، حيث تمتلك ثاني أكبر احتياطيات غاز معروفة على كوكب الأرض. ومع ذلك، في عام 2024، تواجه إيران مشكلة كبيرة في تأمين الغاز للمنازل، الصناعات، ومحطات الطاقة.
وتكمن المشكلة في أن امتلاك الغاز ليس كافيًا، بل يتطلب استخراج هذا الغاز ونقله استثمارات مستمرة ومتواصلة.
في حديثه لوكالة "إيسنا" في 26 أغسطس (آب) الماضي، أكد نرسی قربان، الخبير في قطاع الطاقة، أن حل مشكلة صناعة الغاز في إيران يتطلب تطوير العلاقات الدولية والاستثمارات في القطاع.
وقال: "كما أُشير في الحكومة السابقة، نحن بحاجة إلى 250 مليار دولار من الاستثمارات لإحياء صناعة النفط والغاز، وهذه الحاجة لم تُحقق حتى الآن، ومن المحتمل أننا بحاجة إلى أكثر من هذا المبلغ".
وعلى الرغم من الوضع المالي الصعب الذي تعاني منه إيران حاليًا، فقد تم إنفاق العائدات النفطية الوفيرة في الماضي على قطاعات أخرى، دون أن يتم استثمارها بشكل كافٍ في صناعة الغاز.
ونتيجة لذلك، ومع اقتراب فصل الشتاء، يواجه البلد نقصًا حادًا في الغاز، ومن المتوقع أن يزداد الوضع سوءًا مع انخفاض درجات الحرارة.
ومن غير الواضح بعد حجم أزمة الغاز بشكل دقيق، ولكن الأخبار تشير إلى أن نطاق الأزمة واسع جدًا.
ففي 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، أعلن "ديوان المحاسبات" الإيراني، وهو الجهاز الرقابي في البرلمان، عن نتائج تحقيقاته الفنية التي أظهرت أن نقص الغاز في عام 2023 بلغ 63.9 مليار متر مكعب، في حين تم هدر 18 مليار متر مكعب من الغاز بسبب المشاعل (الفلير).
وأكد ديوان المحاسبات أن "الاهتمام بمسألة الاستثمار في قطاع الغاز أصبح أمرًا ضروريًا، بالإضافة إلى معالجة التقصير والانتهاكات في هذا المجال".
من جانب آخر، أصدرت حكومة الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بزشکیان، في 10 نوفمبر الجاري، قرارًا يقضي بتعديل تعريفة الغاز بحيث تحصل الدولة على إيرادات أكبر من استهلاك الغاز من قبل المواطنين.
الكهرباء.. أزمة متفاقمة رغم الوعود بحلول عاجلة
في صيف عام 2024، ومع تفاقم حالات الانقطاع الواسع للكهرباء، أعلن مسؤولو النظام الإيراني أن المواطنين يمكنهم تجنب انقطاع الكهرباء عن طريق تقليل استخدام المكيفات، لكن الواقع كان مختلفًا.
فقد كانت الشبكة الكهربائية في البلاد بحاجة إلى استثمارات تقدر بـ19 مليار دولار لتحديث محطات إنتاج وتوزيع الكهرباء المتهالكة، وهو ما لم يكن ممكناً حله بتقليل استخدام المكيفات.
اليوم، في نوفمبر (تشرين الثاني)، ومع توقف المواطنين عن استخدام المكيفات، أصبح خيار الحكومة هو تحديد مصير الشعب بين خيارين: "استحدام المازوت" أو "الانقطاع الكهربائي".
وفقًا لبعض المراقبين، يعد الحديث عن استخدام المازوت في فصل الشتاء توجيهًا خاطئًا من قبل الحكومة. إذ تُنتج 80% من الكهرباء في إيران عبر محطات توليد كهرباء حرارية، وهذه المحطات تعتمد بشكل أساسي على الغاز.
من بين 140 محطة كهرباء كبيرة، هناك 14 محطة فقط قادرة على تشغيل المازوت.
وفي تقرير نشرته وكالة "فارس" المقربة من الحرس الثوري، استنادًا إلى بيانات وزارة الطاقة، أفادت بأن عملية تعبئة مخازن الوقود السائل للمحطات توقفت منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، مما أدى إلى تراجع احتياطيات الوقود إلى الثلث.
ووفقًا للتقرير، فإن توفير الغاز لمحطات الكهرباء في الأسبوعين الأولين من نوفمبر (تشرين الثاني) قد انخفض بنسبة 30% مقارنة بعام 2023، بينما تراجعت احتياطيات الديزل إلى أقل من 1260 مليون لتر، مما جعل شبكة الكهرباء الإيرانية تقترب من حالة الطوارئ القصوى.
بناءً على ذلك، كان رد الحكومة الأول هو إعلان جدول انقطاع كهربائي شامل بسبب توقف استخدام المازوت. لكن بجانب هذه الانقطاعات، تم إقرار زيادة أسعار الكهرباء بشكل غير معلن.
ونشرت صحيفة "خراسان" تقريرًا موسعًا، اليوم الأربعاء 20 نوفمبر (تشرين الثاني)، حول الزيادة المفاجئة في تعرفة الكهرباء للمنشآت الصناعية، حيث أظهرت الفواتير الصادرة أن تكلفة الكهرباء لمصنع في خراسان قد ارتفعت بشكل غير مسبوق، حيث بلغ إجمالي فاتورة الكهرباء حوالي ستة ملايين و600 ألف تومان، بينما تم فرض ما يصل إلى 50 مليون تومان كـ"تعرفة ترانزيت" على نفس الفاتورة.
وفي محاولة لتبرير الأزمة، أكد عباس علي آبادي، وزير الطاقة، في 19 نوفمبر الجاري، خلال اجتماعه مع نظيره الروسي سيرغي تيشيولف، أن إيران وروسيا تمتلكان شبكات كهربائية ضخمة، وأن اتصال هذه الشبكات سيمكن من إنشاء "قوة كهربائية كبيرة في المنطقة" تستفيد منها دول أخرى.
ورغم تكرار الوعود بهذا الاتصال منذ عام 2015، لم يتحقق أي تقدم ملموس في ربط الشبكتين الكهربائيتين حتى الآن.

أفاد تقرير صادر عن مركز أبحاث غرفة التجارة الإيرانية، بأن أكثر من 32 مليون إيراني- أي ما يزيد على ثلث السكان- كانوا يعيشون تحت خط الفقر بحلول مارس (آذار) 2022، لكنهم الآن يواجهون انعدام الأمن الغذائي.
وقد أشار التقرير، الذي صدر أول من أمس السبت، إلى أن هذه الظاهرة تعود لعقود من التضخم المرتفع المزدوج الرقم، والذي ازداد سوءًا بشكل كبير منذ عام 2019، متجاوزا 40 في المائة. وكان السبب وراء هذا الارتفاع الحاد في التضخم هو العقوبات الاقتصادية الأميركية المفروضة عام 2018.
وأضاف التقرير أن الفقر الغذائي في إيران ارتفع من 18 مليون شخص في عام 2017 إلى أكثر من 26 مليون شخص بحلول عام 2020، مشيرًا إلى أنه مع معدل التضخم الحالي، تصبح النقاشات حول الاستثمار والنمو الاقتصادي وتخفيض الفقر غير عملية.
وأكد التقرير أنه "في ظل الظروف الحالية، يجب أن تركز السياسات النقدية والمالية على استقرار التضخم على الأقل وليس السعي لتحقيق تخفيضات كبيرة. ومن غير الواقعي توقع انخفاض كبير في التضخم من خلال إجراءات نقدية ومالية محددة."
كما اعترف مركز أبحاث غرفة التجارة بأن التدابير والسياسات الحكومية للحد من الانخفاض الحاد في قيمة العملة الوطنية ودعم الإنتاج حققت نجاحًا محدودًا. فمنذ عام 2018، تراجعت العملة الإيرانية بأكثر من 15 ضعفًا مقابل الدولار الأميركي بسبب تقليص صادرات النفط بفعل العقوبات.
وأوضح التقرير أنه "نظرًا للضغوط التي تواجه الاقتصاد الإيراني بسبب العقوبات، والتوقعات الاقتصادية السلبية، والأضرار الجسيمة للإنتاج والاستثمار، وكذلك النجاح المحدود لسياسات التحكم النقدي، من الأفضل عدم التركيز بشكل مفرط على السياسات الانكماشية الصارمة... وبدلاً من ذلك، يجب توجيه الجهود نحو إدارة التضخم وتحقيق استقرار الأسعار لتحفيز الإنتاج."
وأشار تقرير حديث صادر عن مركز أبحاث البرلمان الإيراني إلى أن معدل الفقر في إيران ارتفع بنسبة 0.4 في المائة في السنة الإيرانية الأخيرة (المنتهية في مارس 2024) مقارنة بالعام السابق، ليصل إلى 30.1 في المائة. وهذا يعني أن ما لا يقل عن ثلث السكان غير قادرين على تلبية احتياجاتهم الأساسية ويعيشون تحت خط الفقر.
بالإضافة إلى ذلك، أفاد تقرير لصحيفة "هم میهن" في طهران اليوم الأحد بأن أكثر من نصف الأسر الإيرانية تعيش تحت خط الفقر، وغالبًا ما تلجأ إلى الشراء بالتقسيط لتلبية احتياجاتها الأساسية مثل اللحوم ومنتجات الألبان والأدوات المنزلية.
وسلطت الدراسة الصادرة عن غرفة التجارة الضوء أيضًا على القضايا النظامية التي تغذي التضخم، مثل ضعف كفاءة الحكومة، والإنفاق المفرط على القطاع العام، والاعتماد على طباعة الأموال لتغطية العجز في الميزانية.
وأوضحت أن الحكومة الإيرانية، لتعويض عجز الميزانية وتأمين القروض من المؤسسات المالية، ضغطت على البنك المركزي لطباعة أموال غير مدعومة. ووفقًا لأرقام صندوق النقد الدولي، فقد ارتفعت السيولة في إيران سنويًا بنسبة تتراوح بين 25-40 في المائة في السنوات الأخيرة، مع توقع زيادات تتجاوز 27 في المائة هذا العام والعام المقبل.
يشار إلى أن هذا الارتفاع في السيولة أدى إلى تغذية التضخم الجامح. وفي السنوات الأخيرة، احتلت إيران باستمرار مرتبة بين الدول العشر الأعلى في معدلات التضخم عالميًا، ومن المتوقع أن تحتل المرتبة السادسة عالميًا في العام المقبل.

أفاد مركز أبحاث غرفة إيران، بأن آخر الإحصاءات المتاحة حتى نهاية عام 2021 تشير إلى أن نحو 32 مليون شخص في البلاد كانوا تحت خط الفقر (الفقر الغذائي)، وأن هذا الاتجاه مستمر في التوسع بسرعة، بسبب التضخم الشديد الذي شهدته السنوات الأخيرة.
وتناول المركز، في تقرير أصدره أمس السبت 16 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، أسباب التضخم في الاقتصاد الإيراني وتأثيرات سعر الصرف، مع عرض متطلبات التعامل مع هذه الظاهرة في سيناريوهات مختلفة تواجه الاقتصاد الوطني.
وأكدت غرفة إيران أن معدل التضخم في البلاد على مدى الـ 44 عامًا الماضية كان بمتوسط نحو 20 %، مشيرة إلى أنه في الاقتصادات التي تعاني تضخمًا بتلك النسبة، يصبح الحديث عن الإنتاج والاستثمار والنمو الاقتصادي وغيرها غير منطقي وغير واقعي.
وبحسب التقرير، فقد بلغ عدد السكان تحت خط الفقر (الفقر الغذائي) وفقًا لتقديرات وزارة الرعاية نحو 18 مليون شخص، في عام 2017. ومع ذلك، وبسبب التضخم والصدمات والأحداث، التي وقعت عامي 2018 و2019، ارتفع هذا العدد إلى أكثر من 26 مليونًا بنهاية عام 2019.
وأشار التقرير إلى أن توسع خط الفقر الغذائي في البلاد تسارع بشكل ملحوظ، نتيجة التضخم الشديد في السنوات الأخيرة، مشددًا على أن الحديث عن أهداف الاستثمار والإنتاج، وكذلك السيطرة على الفقر والتفاوت الاجتماعي في مثل هذا المناخ لن يكون إلا وهمًا.
وأوضحت غرفة إيران، في تقريرها يوم أمس السبت، أن معظم الاقتصاديين يعتقدون أن التضخم في إيران ظاهرة نقدية يمكن السيطرة عليها من خلال التحكم في عرض النقود، وأضافت: "حصر سبب التضخم الحالي في نمو السيولة هو تضليل للمواطنين، وقد تكون تبعاته السياسية خطيرة للغاية".
وأشارت إلى أن جزءًا من التضخم المزمن والمستمر في الاقتصاد الإيراني يعود إلى نمو السيولة، وذكرت أن من أسباب ذلك الزيادة الحكومية، وتحميل الميزانية تكاليف كثيرة، وتمويل العجز الهيكلي في الميزانية من خلال آلية طباعة الأموال، وعدم وجود نظام فعال لإعداد الميزانية، والهيمنة المالية، وعدم استقلالية البنك المركزي.
وفي تقرير صدر في 24 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أعلن مركز أبحاث البرلمان أن معدل الفقر في عام 2023 قد ارتفع بنسبة 0.4 % مقارنةً بعام 2022، ليصل إلى 30.1%.
ووفقًا للتقرير، لم يكن ثلث السكان على الأقل في العام الماضي قادرين على تلبية احتياجاتهم الأساسية، وعاشوا تحت خط الفقر.
الحياة بالتقسيط
نشرت صحيفة "هم ميهن" الإيرانية، في عددها الصادر اليوم الأحد 17 نوفمبر، تقريرًا بعنوان "الحياة بالتقسيط"، أكدت فيه أن الوصول إلى نقطة الأزمة يُعد مرحلة حاسمة للمجتمع، وأوضحت أن الأسر لا تجد خيارًا سوى اللجوء إلى "التقسيط" لشراء اللحوم والدواجن ومنتجات الألبان، التي تشهد ارتفاعًا مستمرًا في الأسعار.
وأشار التقرير إلى أن أول ست شرائح اجتماعية تعيش تحت خط الفقر النسبي، وأن الارتفاع المستمر في أسعار السلع يجعل الأسر غير قادرة على شراء العديد منها، ما يدفعها إلى الاستغناء عن تلك السلع أو شرائها بالتقسيط.
وتحدثت الصحيفة عن سلع، مثل: الأرز والمنظفات والمعكرونة والزيت والأجهزة الإلكترونية والملابس والأحذية والحقائب والذهب ومنتجات النظافة ومستحضرات التجميل، باعتبارها من السلع التي أصبح الناس يشترونها بالتقسيط.
وأشار التقرير إلى أن بيع السلع المستعملة قد ازداد بشكل ملحوظ؛ حيث تباع سلع كانت تُعتبر سابقًا مهملة بجوار صناديق القمامة الآن في منصات بيع المنتجات، وتشهد إقبالاً كبيرًا.
ومن أمثلة هذه الإعلانات، التي وردت في تقرير "هم ميهن": صندوق فارغ بـ 20 ألف تومان، دمية مستعملة بـ 100 ألف تومان، جرة مستعملة بـ 13.500 تومان، كتاب تدريبات للامتحانات بـ 110 آلاف تومان، غطاء هاتف مستعمل بـ 120 ألف تومان، أحمر شفاه مستخدم بـ 160 ألف تومان، نعال مستعمل بـ 80 ألف تومان، وملابس داخلية شبه جديدة بـ 300 ألف تومان.
وعلى مدى السنوات الماضية، وفي ظل عدم كفاءة النظام الإيراني في إدارة الاقتصاد، ظهرت تقارير كثيرة عن الزيادة الحادة في الفقر وسوء الأوضاع الاقتصادية للمواطنين في إيران.
وفي 9 سبتمبر (أيلول) الماضي، أفادت صحيفة "دنياي اقتصاد" بأن خط الفقر لأسرة مكونة من ثلاثة أفراد في طهران بلغ نحو 20 مليون تومان هذا العام.
وأشارت الصحيفة، نقلاً عن خبراء اقتصاديين، إلى أن نحو 26 مليون إيراني لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الأساسية.
كما كتبت صحيفة "اعتماد" في مايو (أيار) من هذا العام، بعد مراجعة البيانات المتاحة حول معدلات الفقر، أن زيادة معدل الفقر بنسبة 10 % خلال عامين تعني زيادة نحو ثمانية ملايين شخص إلى عدد الفقراء في البلاد.
وأشارت الصحيفة إلى ارتفاع احتمالية انضمام من هم فوق خط الفقر إلى طبقة الفقراء، مما أدى إلى تقليص قدرة الحكومة على تأمين مصادر التمويل من الطبقة المتوسطة والأغنياء.

صرّح هاشم أورعي، الأستاذ بجامعة شريف الصناعية في إيران، قائلاً: "لدينا عجز قدره 250 مليون متر مكعب من الغاز، ومع اقتراب انخفاض درجات الحرارة، ينتظرنا مستقبل صعب".
وأضاف: "إذا بدأنا باستخدام الوقود السائل، ولم نتمكن من تأمين الوقود اللازم لمحطات الطاقة، فقد نواجه خطر الانقطاع الكامل في التيار الكهربائي".

تشهد صادرات الفستق الإيراني لأوروبا أزمة حادة، بعد إعادة 26 شحنة من الفستق لتلوثها بمادة "اسموم فطرية"، وهي مادة سامة تنتجها بعض أنواع الفطريات، وتلوث محاصيل مثل الذرة والفول السوداني والفستق، فيما رفضت السلطات الأوروبية الدعوات الإيرانية للتفاوض أو زيارة طهران لمعالجة المشكلة.
وكان الاتحاد الأوروبي قد أبلغ إيران عام 2022 بنيّته تشديد معاييره المتعلقة بمستويات "الأفلاتوكسين" في الفستق، لكن المسؤولين الإيرانيين لم يتعاملوا بجدية مع التحذيرات، حتى اشتد خطر حظر استيراد الفستق الإيراني إلى أوروبا.
وأدى هذا الإهمال في نهاية المطاف إلى إعادة 26 شحنة من أصل 226 شحنة فستق كانت قد صُدّرت من إيران.
وأكد محمد مهدي برومندي، نائب وزير الزراعة لشؤون البستنة، خبر إعادة شحنات الفستق الإيراني من أوروبا.
وأشار إلى حجم صادرات الفستق الإيراني إلى الاتحاد الأوروبي مقارنةً بإجمالي صادرات هذا المنتج إلى دول أخرى، موضحًا أنه "يتم تصدير حوالي 140 ألف طن من الفستق سنويًا من إيران، ويبلغ نصيب الاتحاد الأوروبي من هذا الرقم نحو 7500 طن فقط".
وتأتي تصريحات برومندي في وقت تخشى فيه الجهات الخاصة من تداعيات استمرار أزمة الفستق في أوروبا.
وذكر عبدالله مهاجر دارابي، عضو هيئة رئاسة غرفة التجارة الإيرانية، أن المشكلة "كان يجب حلها منذ 6 أشهر، وليس انتظارها حتى اللحظة".
وأوضح برومندي خلال اجتماع طارئ في غرفة التجارة الإيرانية عُقد في 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، أن المسألة الأساسية هي ازدياد معدلات التلوث، رغم تحذيرات الاتحاد الأوروبي والمتابعة الحكومية المستمرة، مما أثر سلبًا على سمعة الفستق الإيراني في الأسواق العالمية.
أثر دخول شركات السيارات في تجارة الفستق
وأشار مسؤولون اقتصاديون إلى أن دخول شركات السيارات الإيرانية إلى سوق تصدير الفستق في محاولة لتغطية احتياجاتها من العملة الصعبة، أدى إلى تراجع مستوى الجودة في المنتجات المصدرة.
وفي 6 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، صرح مهدي طبيب زاده، عضو غرفة التجارة، بأن بعض شركات السيارات التي واجهت مشكلات في توفير النقد الأجنبي اللازم للاستيراد، لجأت إلى تصدير منتجات كالفستق والنحاس والصلب.
وفي 10 أكتوبر، أوضح محمد علي محمد ميرزائيان، رئيس لجنة تطوير الصادرات في غرفة التجارة بإقليم كرمان، أن دخول شركات السيارات إلى تجارة الفستق أضرّ بجودة الفستق الإيراني وسمعته.
وأضاف محمد صالحي، رئيس مجلس إدارة جمعية الفستق الإيراني، أن هذه الشركات باعت الفستق بأسعار أقل من السوق، مما تسبب في خسارة بعض الأسواق الهامة، مثل الصين، حيث انخفضت الصادرات إلى بكين من 200 ألف طن إلى أقل من 20 ألف طن.
نقص الطاقة وتداعياته على محصول الفستق
وإلى جانب المشكلات التجارية، أثر نقص الطاقة في إيران على إنتاج الفستق، حيث أدى انقطاع الكهرباء المتكرر إلى إلحاق أضرار كبيرة بالمحاصيل. ففي سبتمبر (أيلول) الماضي، صرح حميد رضا ترابي، رئيس لجنة الزراعة في غرفة كرمان، بأن انقطاع الكهرباء عن المضخات الزراعية أدى إلى تلف ما يقارب 20 إلى 40 في المائة من المحصول في كرمان.
وفي وقت لاحق، أعلن أحمد حيدري، مسؤول وزارة الزراعة في رفسنجان، عن تضرر حوالي 7200 طن من الفستق بسبب انقطاع الكهرباء المتكرر.
وبات من الواضح أن هذه الأزمات المتلاحقة، من تلوث الفستق بـ"الأفلاتوكسين" إلى تدخل شركات غير متخصصة في التصدير، ونقص الطاقة، تُهدد استمرارية صادرات الفستق الإيراني، وتضع مستقبل هذا المنتج العريق في خطر.
