في ظل تفاقم أزمة المياه والانقطاعات الكهربائية في مناطق مختلفة من إيران، تحدث مسؤولو حكومة مسعود بزشكیان عن اختلالات متوارثة، وتراجع حاد في كميات الأمطار، وهبوط في واردات السدود.
لكن المواطنين يعتبرون أن سوء إدارة النظام الإيراني هو السبب الرئيسي للأزمة الحالية، وتشير الاحتجاجات في سبزوار ورسائل المواطنين إلى تزايد فقدان الثقة بالسياسات الحالية وفشل إدارة الأزمة.
كانت فاطمة مهاجراني، المتحدثة باسم الحكومة، أول من أعلن عبر منصة "X" عن تعطيل يوم الأربعاء 23 يوليو (تموز) في محافظة طهران، وكتبت: "بقرار من الحكومة، ونظرًا لاستمرار موجة الحر الشديد وضرورة ترشيد استهلاك الماء والكهرباء، تقرر أن يكون يوم الأربعاء 23 يوليو عطلة في محافظة طهران".
إلا أن بعض وسائل الإعلام المحلية استندت إلى تحذير هيئة الأرصاد الجوية في طهران لتعلن أن السبب الرئيسي هو ازدياد إشعاع الأشعة فوق البنفسجية.
وفي التحذير رقم 25، أصدرت هيئة الأرصاد الجوية لمحافظة طهران تحذيرًا من المستوى الأصفر للفترة من 19 إلى 23 يوليو.
يشير التحذير الأصفر إلى احتمال وقوع أضرار، والتحذير البرتقالي إلى احتمال وقوع أضرار واسعة النطاق، بينما يدل التحذير الأحمر على أضرار شاملة.
ما هي الأشعة فوق البنفسجية؟
الأشعة فوق البنفسجية "UV" هي نوع من الأشعة غير المرئية المنبعثة من الشمس، وتملك طاقة عالية، وتقع في الطيف الكهرومغناطيسي بين الضوء المرئي والأشعة السينية.
تنقسم إلى ثلاثة أنواع: A، B، وC. حيث يتم امتصاص الجزء الأكبر من النوع C وبعض من النوع B بواسطة طبقة الأوزون، بينما يصل النوع A بشكل شبه كامل إلى سطح الأرض.
يمكن أن يؤدي التعرض الطويل لأشعة "UV" إلى حروق شمسية، وشيخوخة مبكرة للبشرة، والمياه البيضاء في العين، وحتى سرطان الجلد.
أظهرت الدراسات أن النوعين A وB يمكن أن يضعفا خلايا المناعة في الجلد مثل خلايا لانغرهانس، ما يؤدي إلى كبح المناعة موضعياً أو حتى على مستوى الجسم بالكامل.
ورغم أن هذا التأثير عادة ما يكون مؤقتًا لدى الأشخاص الأصحاء، فإنه يمكن أن يكون خطيرًا على من يعانون من أمراض مناعية مثل الذئبة أو التصلب المتعدد، أو من يتناولون أدوية مثبطة للمناعة (مثل مرضى زراعة الأعضاء)، حيث قد يؤدي إلى تفاقم الحالة وزيادة خطر الإصابة بالعدوى الجلدية أو ظهور مضاعفات خطيرة.
لهذا السبب، توصي منظمة الصحة العالمية ومراكز السيطرة على الأمراض في أميركا هذه الفئات بتجنب التعرض المباشر لأشعة الشمس بين الساعة 10 صباحًا و4 عصرًا، واستخدام كريم واقٍ من الشمس، ونظارات "UV"، وملابس واقية.
يُقاس مقدار الأشعة فوق البنفسجية بمؤشر "UV" يتراوح من 0 إلى 11 فأكثر، وكلما ارتفع المؤشر زادت خطورته على الصحة.
عند الوصول إلى المؤشر 11، تكفي عشر دقائق فقط من التعرض المباشر لأشعة الشمس دون حماية لتسبب حروقًا جلدية.
تشير بيانات الأرصاد العالمية إلى أن مؤشر "UV" في طهران خلال يونيو (حزيران) ويوليو (تموز) قد تجاوز أحيانًا 12، بل أكثر.
ويزداد الخطر في مدن مثل بندر عباس، يزد، شيراز، زاهدان، والأهواز بسبب ارتفاع درجات الحرارة.
وتعود زيادة "UV" إلى عدة عوامل، منها الموقع الجغرافي، وارتفاع المدينة عن سطح البحر (طهران ترتفع حوالي 1200 متر). فكلما ارتفع الموقع، كلما قصُر المسار الذي تسلكه الأشعة داخل الغلاف الجوي، ما يزيد من وصولها إلى سطح الأرض. ويتضاعف التأثير في الأيام المشمسة.
كذلك، تؤثر تقلبات سمك طبقة الأوزون في الطبقات العليا من الجو على كمية الأشعة فوق البنفسجية من النوع B التي تصل للأرض.
أكثر المناطق تعرضًا لأشعة "UV" هي تلك القريبة من خط الاستواء أو الواقعة في مرتفعات عالية.
مثل مدينتي بونو في بيرو ولاباز في بوليفيا اللتين تقعان فوق 3500 متر، حيث يصل المؤشر إلى 18–20 في بعض الأيام.
وفي كويتو عاصمة الإكوادور (تقع على خط الاستواء وعلى ارتفاع 2800 متر)، يتراوح المؤشر بين 13 و15 في كثير من الأحيان.
كما تشهد مناطق استوائية أخرى مثل شمال أستراليا (داروين)، شرق إفريقيا (تنزانيا وكينيا)، وجنوب شرق آسيا (تايلاند، الفلبين، إندونيسيا) مؤشرات "UV" بين 11 و13 معظم أيام السنة.
الصورة المرفقة تشير إلى أن مستوى "UV" في إيران ومعظم مناطق أفغانستان كان "شديدًا جدًا" يوم الخميس 24 يوليو (تموز).
طبقة الأوزون، الواقعة بين 10 و50 كم من سطح الأرض في طبقة الستراتوسفير، تلعب دورًا حيويًا في امتصاص الأشعة فوق البنفسجية الضارة.
تشير دراسة أُجريت في جامعتي زاهدان وبيرجند إلى وجود انخفاض ملحوظ في كمية الأوزون فوق إيران خلال العقود الأربعة الماضية.
وبحسب الدراسة، تُسجل أعلى كثافة للأوزون خلال الربيع (مايو/أيار ويونيو/حزيران)، وأدناها خلال الخريف (أكتوبر/تشرين الأول).
جغرافيًا، تسجل المناطق الشمالية والشمالية الغربية أعلى تركيز، بينما الجنوب لديه أقل كثافة.
وفي الشتاء، تكون دوائر العرض عاملاً حاسمًا في توزيع الأوزون، أما في الصيف، فإن الارتفاع الجغرافي يلعب دورًا أكبر.
غاز الأوزون (O₃) الموجود في الطبقات القريبة من سطح الأرض، والذي يُعتبر ملوثًا فوتوكيميائيًا، لا يؤدي دورًا وقائيًا ضد الأشعة فوق البنفسجية كما يفعل الأوزون في الستراتوسفير.
في الحقيقة، يتكون الأوزون الأرضي نتيجة تفاعل ضوء الشمس مع ملوثات مثل أكاسيد النيتروجين والمركبات العضوية المتطايرة، ويُعد ضارًا بالجهاز التنفسي.
ورغم أن هذا الغاز يمكنه امتصاص بعض أشعة "UV"، فإن تركيزه القليل لا يؤثر فعليًا في تقليل أو زيادة الإشعاع.
بالعكس، ارتفاع مستويات الأوزون الأرضي غالبًا ما يحدث في ظروف مناخية تتسم بالسماء الصافية والحر الشديد، ما يساهم أيضًا في ارتفاع مؤشرات "UV".
لذا، قد يتزامن ارتفاع التلوث بالأوزون مع ارتفاع "UV"، لكن ليس لأن الأوزون هو السبب في ذلك، بل بسبب عوامل مناخية متشابهة.
تفيد تحقيقات فريق التحقق من المعلومات في "إيران إنترناشيونال" بعدم وجود سابقة عالمية لتعطيل المدن بسبب ارتفاع "UV" فقط، إذ تكتفي الدول بإصدار تحذيرات وتوصيات وقائية.
وفي إيران أيضًا، لم يُسجّل أن كان ارتفاع مؤشر الأشعة فوق البنفسجية سببًا وحيدًا في تعطيل مدينة أو منطقة.
كما أن تحذيرات هيئة الأرصاد الجوية في طهران اقتصرت على اللون الأصفر، ما يرجّح أن الإشعاع فوق البنفسجي لم يكن العامل الحاسم في اتخاذ قرار تعطيل طهران.