وقد اتُّهِم هؤلاء بجمع معلومات وتحديد أهداف حساسة لصالح هجمات النظام الإيراني.
وذكرت" لوموند"، في تقرير نُشر الأربعاء 16 يوليو (تموز)، أنه بعد مرور أسابيع قليلة على انتهاء الحرب التي استمرت 12 يوماً بين النظام الإيراني وإسرائيل، لا تزال حملة الاعتقالات في إسرائيل مستمرة.
وبحسب التقرير، وبينما يُشيد بالموساد لعملياته العميقة داخل إيران، تواجه الأجهزة الأمنية الإسرائيلية واقعاً جديداً: اكتشاف عدة شبكات تجسس محلية تعمل لصالح النظام الإيراني من داخل إسرائيل.
وقد أثارت هذه القضية تساؤلات حول ما إذا كان لبعض هؤلاء العملاء دور في تحديد أهداف الضربات الصاروخية الإيرانية خلال المواجهات الأخيرة.
وكتبت" لوموند" أن ستة قواعد عسكرية إسرائيلية على الأقل تعرضت للهجوم خلال تلك الضربات، من بينها قاعدة تل نوف الجوية، مقر الموساد في غليلوت شمال تل أبيب، ومعهد وايزمان للعلوم في رحوفوت، الذي تعرّض لأضرار بالغة.
وتقول الأجهزة الأمنية إن هذه الضربات استندت إلى معلومات تم جمعها قبل اندلاع الحرب.
وقال أليكس نيميروفيسكي، قائد وحدة الجرائم الكبرى في شرطة إسرائيل: "هؤلاء لم يُستأجروا لمجرد التقاط بعض الصور. نحن أمام شبكة خطيرة".
وأوضح أن الجواسيس لم يكتفوا بالتصوير، بل جمعوا معلومات محددة، وأن بعضهم حاول تنفيذ اغتيالات بحق شخصيات عسكرية رفيعة.
وفي إحدى الحالات، قامت مجموعة مكوّنة من سبعة إسرائيليين من أصول أذربيجانية، أكبرهم يبلغ 20 عاماً، باستئجار شقة قرب قواعد عسكرية، وأسّسوا شركة سياحة لرحلات الجيب، ونفّذوا 600 مهمة استطلاعية.
وأُلقي القبض على أحد أفراد هذه المجموعة في خريف العام الماضي، ويُقال إنه بدأ نشاطه التجسسي أثناء خدمته العسكرية، وإن المجموعة تلقت مجتمعةً مبلغ 300 ألف دولار من إيران.
ومع ازدياد عدد المعتقلين، تم تخصيص عنبر منفصل في سجن "دامون" القديم قرب حيفا لاحتجاز هؤلاء الأفراد. ويواجهون ظروفاً شديدة القسوة، وقد يُحكم على بعضهم بالسجن المؤبد.
وأول من تمت محاكمته كان رجلاً يبلغ من العمر 72 عاماً يُدعى مردخاي مامان، وكان خاضعاً لمراقبة الشرطة سابقاً بتهمة تهريب مخدرات.
وقد اعترف بأنه دخل إيران مرتين سراً عبر تركيا، وكان مكلّفاً باغتيال شخصية سياسية إسرائيلية.
وقد حُكم عليه بالسجن 10 سنوات.
وغالبية هؤلاء الجواسيس من الشباب، وبعضهم من القادمين من دول الاتحاد السوفيتي السابق.
وتُفيد التقارير بأن تجنيدهم جرى عبر تطبيقات التراسل وشبكات التواصل الاجتماعي، مقابل مبالغ زهيدة دُفعت على شكل عملات رقمية.
وقال أحد المحامين المعيّنين للدفاع عن المتهمين، طالباً عدم الكشف عن هويته: "موكلي لم يكن يعلم لمن يعمل. كل ما فعله هو التقاط بعض الصور التي يمكن لأي شخص العثور عليها بسهولة في غوغل، مقابل مبالغ تافهة".
وقال شالوم بن حنان، الضابط السابق في جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي: "نطلق على هذه العملية اسم مسار الانهيار: تبدأ بمهمة بسيطة، مثل كتابة شعار ضد نتنياهو على الجدار، وإذا لم يتعاون الشخص، يُهدَّد".
ومن أبرز الأمثلة وزير الطاقة الإسرائيلي السابق، غونين سيغيف، الذي اعتُقل عام 2019 بتهمة نقل معلومات حساسة لإيران. وقد سعى إلى استدراج شخصيات إسرائيلية في الخارج بهدف اختطافهم.
وقال رونين بيرغمان، مؤلف كتاب "انهض واقتل أولاً"، إن إيران تسعى منذ عامين للثأر لاغتيال قادتها، وقد نجحت مؤخراً في تنفيذ أنشطة داخل دول ثالثة كأذربيجان وتركيا، بل وجندت إسرائيليين داخل أراضيهم، وهو أمر لم تنجح فيه سابقاً سوى سوريا في مرتفعات الجولان.
وبحسب مسؤولين إسرائيليين، تم حتى الآن اعتقال ما لا يقل عن 45 شخصاً بتهمة التجسس لصالح إيران. وقال نيميروفيسكي: "هذا ليس نهاية المطاف، فهناك اعتقالات أخرى قادمة".
وأضاف أن دافع بعض هؤلاء لم يكن المال فقط، بل الكراهية العميقة للحكومة والمجتمع الإسرائيلي، وخصوصاً حكومة نتنياهو، لعبت دوراً في تجنيدهم من قبل النظام الإيراني.
وذكر أحد المعتقلين أن رئيس وزراء إسرائيل كان أيضاً ضمن قائمة أهداف النظام الإيراني.
وفي 10 يوليو (تموز)، صُدمت الأوساط الاستخباراتية الإسرائيلية مجدداً بعد نشر مجموعة من القراصنة الإيرانيين وثائق جديدة.
وقد شملت هذه الوثائق أسماء، وتخصصات، ومواقع خدمة، وأحياناً العناوين الشخصية، لمئات من ضباط الجيش الإسرائيلي، ونشرتها صحيفة "هآرتس".