وبحسب الصحيفة، فإنّ السبيل الفعّال الوحيد لضمان هذا الهدف هو الانتقال من مرحلة الردع إلى سياسة "التنفيذ الصارم وغير القابل للتسوية".
ووفقًا لما ذكرته "إسرائيل هيوم"، فإنّ العملية العسكرية الواسعة، التي شنّها الجيش الإسرائيلي ضد المنشآت النووية التابعة للنظام الإيراني، في مواقع مثل "نطنز" و"أصفهان" و"فوردو"، أسفرت عن تدمير نحو 60 بالمائة من منصّات إطلاق الصواريخ الباليستية، وقرابة 80 في المائة من أنظمة الدفاع الجوي في إيران.
ويرى كُتّاب التحليل أن هذه العملية تُعدّ واحدة من أنجح الهجمات العسكرية في تاريخ إسرائيل من حيث التكتيك والمعلومات الاستخبارية؛ حيث أظهرت قدرة إسرائيل على التوغّل في عمق الأراضي الإيرانية، واستهداف شخصيات وبُنى تحتية محورية تابعة للنظام الإيراني.
ومع ذلك، حذّرت "إسرائيل هيوم" من أنّ هذه الإنجازات لن تتحول إلى نجاح دائم، ما لم يتم استغلالها سياسيًا ودبلوماسيًا. والطريقة الوحيدة لمنع إعادة بناء البرنامج النووي الإيراني هي التوصل إلى اتفاق جديد يتضمّن آليات رقابة صارمة، ونظام عقوبات مُلزمًا، وأدوات تنفيذ فورية.
ونقلت الصحيفة عن مصادر مطّلعة أنّ المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، بعث برسالة إلى وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، شدّد فيها على أنّ التعاون مع الوكالة يُمثّل المسار الوحيد لإيجاد حل دبلوماسي للأزمة النووية المستمرة منذ عقود.
كما أضافت الصحيفة أنّ النظام الإيراني اليوم جريح ومُهان، وهذا الوضع يُشكّل "فرصة ذهبية" لفرض اتفاق جديد صارم؛ اتفاق لا يكتفي بمنع إعادة بناء القدرات النووية، بل يحظر أيضًا بشكل كامل تطوير صواريخ بعيدة المدى قادرة على حمل رؤوس نووية.
وقال الباحث في الشؤون الدفاعية والأمنية، فرزين نديمي: "إن قرار إسرائيل بأنها ستهاجم مجددًا أم لا، يتوقف على قرار النظام الإيراني باستئناف التخصيب وإعادة بناء المنشآت النووية. فإذا رأت إسرائيل أن طهران تعود لتدوير اليورانيوم بنسبة 60 في المائة، فلن تتردّد في شنّ هجوم جديد".
وأشارت "إسرائيل هيوم" إلى تجربة الاتفاق النووي عام 2015، مؤكّدة أنّه بدون رقابة مستمرة، فإنّ أي اتفاق- مهما كان دقيقًا- لن يصمد أمام عزيمة النظام الإيراني وتكتيكاته السرّية.
وجاء في التقرير أنّ تجربة لبنان يمكن أن تكون نموذجًا للتنفيذ الصارم. فبحسب "إسرائيل هيوم"، وبعد اتفاق وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، وتمديد أحكام القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن، والذي نصّ على انسحاب حزب الله من جنوب لبنان وانتشار الجيش اللبناني في المنطقة، انتهجت إسرائيل سياسة "التنفيذ بالقوة" بدلاً من الاعتماد على الالتزامات اللفظية.
وفي اليوم ذاته، أكّد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في كلمة له: "الاتفاق الجيد هو الاتفاق الذي يُنفّذ بالكامل، وسنقوم بتنفيذه".
وبحسب معطيات مركز أبحاث "ألما" الإسرائيلي، التي نقلتها الصحيفة، فقد شنّ الجيش الإسرائيلي منذ انتهاء عملية "سهام الشمال" أكثر من 400 غارة داخل الأراضي اللبنانية، بمعدل يزيد على غارتين يوميًا. والرسالة من هذه الضربات واضحة: وقف إطلاق النار لا يعني الحصانة، بل هو مشروط بالالتزام الكامل ببنود الاتفاق، وأي انتهاك سيُقابل برد فوري وعنيف.
لذا، خلصت "إسرائيل هيوم" إلى ضرورة ربط مصير النظام الإيراني بمصير حزب الله. وكما منعت إسرائيل إعادة بناء قوة حزب الله في جنوب لبنان، يجب اتباع السياسة ذاتها تجاه النظام الإيراني: أي اتفاق لا يكون مجديًا إلا إذا ترافَق مع رقابة صارمة وتنفيذ فوري.
وجدير بالذكر أن الرئيس الإيراني، مسعود بزشکیان، قام بإبلاغ قانون "إلزام الحكومة بتعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية" للتنفيذ.
وقال عضو هيئة تحرير "إيران إنترناشيونال"، علي حسين قاضي زاده: "إن النظام الإيراني يسعى إلى ما يُسمّى (الغموض النووي)؛ أي أن يبقى الطرف المقابل غير متأكد مما إذا كانت إيران تقوم بالتخصيب أم لا".
وفي ختام التقرير، حذّرت الصحيفة من أنّه إذا ضاعت هذه الفرصة، فإن النظام الإيراني- تمامًا كما فعل بعد اتفاق عام 2015- سيُعيد بسرعة بناء بنيته التحتية، وسيتجه مجددًا نحو تصنيع السلاح النووي.
واختتمت الصحيفة بالتشديد على أنّ "عملية الأسد الصاعد" يجب أن تكون نقطة انطلاق لمرحلة جديدة؛ مرحلة لا يُصبح فيها النجاح العسكري أمنًا مستدامًا إلا إذا ترافق مع إرادة سياسية حازمة وآليات تنفيذ دائمة.