"التخصيب داخل إيران" يعرقل المفاوضات بين طهران وواشنطن.. وأطراف تسعى لـ"إفشال" التفاوض
قالت مصادر دبلوماسية إيرانية لـ"إيران إنترناشيونال" إنّه رغم موافقة إيران على عمليات تفتيش موسعة على منشآتها النووية، فإن الخلاف بين طهران وواشنطن حول موضوع "التخصيب داخل إيران" من القضايا التي تثير الغموض بشأن استمرار المفاوضات بين الطرفين.
وذكر مصدران دبلوماسيان إيرانيان تحدّثا إلى "إيران إنترناشيونال" بشرط عدم الكشف عن هويتهما، أن تأجيل المفاوضات النووية التي كانت مقررة الأسبوع الماضي في عُمان يجعل من غير الواضح ما إذا كانت مفاوضات هذا الأسبوع ستُعقد في موعدها.
وقال مصدر دبلوماسي مطلع على المحادثات النووية لـ"إيران إنترناشيونال": "وافقت إيران على عمليات تفتيش مشددة وصارمة لمواقعها النووية من قِبل مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كما توصل الطرفان إلى تفاهمات حول قضايا التحقق والرقابة على البرنامج النووي الإيراني".
وأضاف هذا المصدر أنه على الرغم من هذه التفاهمات، إلا أن بعض الخلافات ما تزال تُلقي بظلالها على مستقبل المفاوضات: "الخلاف الأساسي بين الطرفين هو حول حق إيران في التخصيب داخل أراضيها، وهو ما تعارضه الولايات المتحدة".
وتابع المصدر مشيرًا إلى ما وصفه بـ"نوع من الفوضى والارتباك" لدى كلا طرفي التفاوض، قائلاً: "هذا ما جعل سير المفاوضات صعبًا، حيث تتغير أجندة النقاش في كل جولة، ولا تسير المحادثات وفق إطار شامل واضح".
وأشار إلى مثال على هذه التغييرات بقوله: "خلال جولة من المفاوضات، أدخل الجانب الأميركي قضايا أخرى مثل الصواريخ الباليستية والقوات الوكيلة ضمن أجندة التفاوض".
كما قال مصدر دبلوماسي مطلع آخر لـ"إيران إنترناشيونال"، مشيرًا إلى موضوع الجماعات الوكيلة التابعة لطهران: "الطرف الإيراني وافق على طلب أميركي للسيطرة على القوات الوكيلة، وفي هذا السياق، طلبت طهران مؤقتًا من الحوثيين في اليمن وقف هجماتهم، وذلك بهدف نزع الذرائع من يد إسرائيل التي قد تستخدمها لعرقلة العملية التفاوضية".
الولايات المتحدة: نسعى لحل الخلافات مع إيران دبلوماسيًا
وفي السياق نفسه، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية لقناة "إيران إنترناشيونال": "تحت قيادة الرئيس ترامب، يعمل السفير ستيف ويتكوف على حل الخلافات مع إيران عبر الحوار والدبلوماسية إن أمكن".
وأضاف أن ترامب كرر مرارًا أن إيران يجب ألا تمتلك سلاحًا نوويًا.
وتابع المتحدث قائلاً: "علاوة على ذلك، فإن من غير المصلحة الوطنية مناقشة هذه القضايا بشكل علني. الوقت محدود وعلينا التقدم بسرعة".
وبحسب هذا المسؤول في الخارجية الأميركية، فإن التقدم في المحادثات يتطلب أن "تتفاوض طهران بنية صادقة، وأن تكون فعلًا راغبة في التوصل إلى اتفاق".
التخصيب بنسبة 3.67 في المائة في إيران؛ نعم أم لا؟
آخر مرة التقى فيها دبلوماسيون إيرانيون برئاسة عباس عراقجي، وزير الخارجية، بمسؤولين أميركيين برئاسة ستيف ويتكوف، الممثل الخاص للرئيس دونالد ترامب، كانت بتاريخ 26 أبريل (نيسان) في مسقط.
وبعد هذا اللقاء، أعلن الطرفان أن المحادثات أحرزت بعض التقدم، وأن الجولة الرابعة ستُعقد في روما. إلا أن هذه الجولة لم تُعقد في الموعد الذي حددته عُمان بصفتها الوسيط والمضيف، وأصبح استمرارها موضع شك وغموض.
وكانت "إيران إنترناشيونال" قد أفادت في وقت سابق، نقلاً عن مصادر دبلوماسية في إيران، أن الوفد الإيراني قدّم خلال الجولة الأولى في مسقط خطةً عامة من ثلاث مراحل، وقد لاقت ترحيبًا من ويتكوف.
وبموجب هذه الخطة، كان من المفترض أن يستمر التخصيب داخل إيران بنسبة 3.67 في المائة، على أن تُرفع العقوبات تدريجيًا عبر عدة مراحل.
ووفقًا لمصادر "إيران إنترناشيونال"، وبينما كانت مجموعة التفاوض الإيرانية تتوقع أن يستمعوا من الجانب الأميركي إلى شروط تتعلق بحضور المفتشين الأميركيين إلى المواقع النووية الإيرانية، وكانوا مستعدين لقبول ذلك، فوجئ عراقجي وفريقه بالترحيب المفاجئ من ويتكوف بالخطة، مما أدى إلى ارتباكهم.
لكن لاحقًا، جاءت التصريحات الواضحة من ويتكوف ومسؤولين أميركيين رفيعي المستوى لتؤكد أن إيران لن يُسمح لها بالتخصيب على أراضيها، وهو ما أظهر أن المفاوضات لن تكون سهلة.
ويرى بعض الخبراء أن هناك خلافًا داخل الولايات المتحدة بين ماركو روبيو، وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي، من جهة، وجي دي فنس، نائب الرئيس، وتولسي غبارد، مديرة الاستخبارات الوطنية، وويتكوف من جهة أخرى، وهو ما أدى إلى تغييرات كبيرة في أجندة المفاوضات وأثار الشكوك حول استمرارها ونجاحها.
خلافات داخل إيران أيضًا
في إيران، تظهر الخلافات الداخلية حول المفاوضات بشكل واضح. في الأيام الأخيرة، ازدادت التكهنات بأن جزءًا من بنية السلطة يسعى لعرقلة المحادثات في الوقت الذي يسعى فيه الفريق المفاوض للتوصل إلى اتفاق مع الأميركيين.
في 6 مايو (أيار)، كتب محمد حسين رنجبران، مستشار عراقجي، على حسابه في منصة "إكس": "تحقيق الريادة الإعلامية لوسائل الإعلام الإيرانية شيء، والتنافس الطفولي على السبق الصحفي شيء آخر! على الأجهزة والهيئات والإخوة الكرام الذين يحصلون على تقارير مصنفة بحكم مسؤولياتهم، أن يحفظوا الأمانة ويتجنبوا تسريب المعلومات إلى وسائل الإعلام التابعة لهم، لأن حفظ المصالح الوطنية هو في صلب العمل الإعلامي".
كان يشير بذلك إلى تقرير نشره موقع "نور نیوز" القريب من علي شمخاني، مستشار المرشد علي خامنئي.
ففي 5 مايو، نشر موقع "نور نیوز" تقريرًا خاصًا نقلاً عن "مصدر مطلع"، أشار فيه إلى أن الجولة الرابعة من المفاوضات النووية بين إيران وأميركا ستُعقد يوم الأحد 11 مايو (أيار) في مسقط، وستتركز على القضايا الإنسانية وبعض الهواجس الأمنية للطرفين.
وبذلك كشف "نور نیوز" أن جدول الأعمال قد توسع ليشمل القضايا الأمنية أيضًا.
وقال مصدر دبلوماسي مطلع على المفاوضات لـ"إيران إنترناشيونال": "وزارة الخارجية لم تكن راغبة في الإعلان الإعلامي عن موعد الجولة الرابعة، لأنه لم يكن مؤكدًا بعد، والإعلان المبكر عن تاريخ غير نهائي كان قد يؤدي إلى تكهنات وتشويه صورة الفريق المفاوض في حال لم تُعقد الجولة في موعدها".
وكانت بعض الوسائل الإعلامية والمجموعات السياسية قد حذّرت سابقًا من أن شمخاني وأفراد عائلته – بسبب دورهم في الالتفاف على العقوبات وتحقيق أرباح كبيرة – قد يسعون إلى إفشال المفاوضات الحالية من خلال تسريب المعلومات.