وأضاف "أفشاري" في مقابلة متلفزة مع "إيران إنترناشيونال" من واشنطن، قائلا: إنه لا يمكن الجزم على رأي محدد وقطعي بخصوص الحادث، لكن هذه الوفاة تبدو مشبوهة وغامضة.
وأشار المحلل السياسي الإيراني إلى أنه قد وردت سيناريوهات مختلفة ومقتضبة بهذا الخصوص، وأن مصادر مطلعة أفادت بأن القضية قيد التحقيق.
ولفت "أفشاري" إلى أنه يُمكن أيضًا أن نربط بين هذه الوفاة أو القتل أو الانتحار بمقتل "حسن صياد خدائي"، القيادي الآخر بالحرس الثوري والذي اغتيل مؤخرًا في طهران؛ وذلك لأننا نشهد منذ سنوات ما يسمى بالاندساس.
وأوضح أن التجسس قد توسع لدرجة التي أصبح فيها مترسخًا داخل المؤسسات الأمنية والعسكرية والاستراتيجية الإيرانية، وأن هذا الاندساس لا يقتصر على الحرس الثوري الإيراني فقط، لكنه صار جزءا مهما منه، ويبدو أن الدول التي تسميها إيران بـ"العدوة"، قد بلغت هذه المرحلة من القدرة والاندساس.
وتابع: الأمر لا يعد قضية اندساس من بعض الأشخاص، وليس مسألة مشاريع مقطعية. وربما يكون قد تم الكشف عن هذا الشخص أو أنه كان في نفس المشاريع التي شارك فيها حسن صياد خدائي؛ فقتلوه، وهذا السيناريو ممكن أيضًا.
واستطرد المحلل السياسي الإيراني أنه في الوقت نفسه لا يمكن استبعاد موضوع الانتحار تمامًا، ومن المحتمل أن يكون الشخص قد انتحر بعد أن أدرك أنه تم الاشتباه به، فربما فعل ذلك خوفًا لأنه لم يجد طريقا للهروب.
وأضاف أن كل هذه السيناريوهات ممكنة، لكن المشكلة الأساسية تكمن في الشك وسوء الظن في الحرس الثوري الإيراني، وغياب الشفافية لدى أداء هذه المؤسسة التي بدت تشبه عصابة مافيا.
وفي ردٍّ على سؤال "هل خرج زمام الأمور عمليا من يد النظام الإيراني بعد مرور أيام على مقتل صياد خدائي؟ أجاب "افشاري" قائلا: إن النظام يواجه بعض المشكلات، لكن لا يمكن أن نقول إن زمام الأمور قد أفلت بالكامل، وأنه يشهد انهيارًا أمنيا وعسكريا، لكنه قد انخفضت قدرته في التسلط والتحكم على القضايا.
كما أشار إلى أن هذا الحادث الجديد قد وقع في المراكز الأمنية والعسكرية الحساسة، وقد فقدت إيران سيطرتها عليها، وأن هناك اندساسًا ممنهجًا في أعلى مستويات النظام، ويمكن القول إن بعض النظام يقف في وجه البعض الآخر.
وأكد المحلل السياسي الإيراني أنه في ظل هذه الأوضاع؛ فإن عاملين يلعبان دورًا في مثل هذه الحالة؛ الأول: فقدان النظام للشرعية، وهو ما تسبب في الأساس بهذا النوع من الاحداث؛ إذ أصبح الضرب من داخل النظام يأخذ طابعًا وطنيا ونضاليا لدى عناصره، والثاني: ارتفاع مدفوعات التجسس والخروقات الأمنية في إيران بسبب ارتفاع الدولار أمام التومان؛ مما أدی إلى انجذاب الأشخاص إلى وكالات الاستخبارات الأجنبية".
واختتم بأن فقدان النظام الإيراني مشروعيته، والأداء السلبي للحرس الثوري إزاء المصالح الوطنية ورفاه الشعب، وتقييد الحريات وتوسيع الفساد الممنهج، كل ذلك قد أجّج الأحداث داخل النظام الإيراني. وهكذا، دخلت الأجهزة الأمنية الإيرانية حيزًا جديدًا، وأصبحت تاريخيا في أضعف موقع لها من حيث الردع ضد نفوذ وكالات الاستخبارات الأجنبية.